للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه يتصرف/ في ملكه لئلا (١) يلزم نوع ضرر بالمملوك، وذلك إنما يتحمل أن لو لم يتضرر المولى فيه قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢) فعند تعارض الضررين حمْل نفي الضرر إلى جانب المولى أولى من الحمل إلى جانب المملوك؛ لئلا يلزم الحجر عن التصرف في ملكه.

وكذلك نقول في جواب الثاني: فإنا لو ألزمنا الفداء على المولى بدون اختياره بسبب نفي ضرر التفريق على الصغير لتضرر المولى، وليس من شرط رفع الضرر عن شخص إلحاق الضرر لغيره.

وأمَّا الجواب عن الثالث: فإنا إنما نجوز التفريق؛ لئلا يتضرر الصغير ولو لم يجوز (٣) شرى المسلم منه عند بيع أحدهما لذهب (٤) الحربي بهما إلى دار الحرب، وضرر نشِئه في دار الحرب ثابت في الدنيا الآخرة، أمّا في الدنيا فعرضية الأمر القتل؛ لأن الظاهر من ينشأ في حال صغره بينهم كان على دينهم وفيه ذلك، وأما ضرر الآخرة فظاهر.

وأمَّا الرابع: فإن منع التفريق لحق الصغير وحقه مرعي إذا كان معه أحد الكبرين فإنه يستأنس به ويقوم الكبير بحوائجه، فلذلك لم يمكن بيع الآخر باس عملاً بالدليل الذي هو قيام الملك، فإن قيام الملك يطلق لجميع التصرفات، مع أن فيه رواية عن أبي يوسف

رحمه الله- أنه يكره أيضاً (٥).

وأمَّا الجواب عن السؤال (٦) الخامس: فهو الجواب عن السؤال الثاني؛ لأن هذا تفريق لحق مستحق في أحدهما فيجوز كالدفع بالجناية (٧) والبيع بالدين؛ وذلك لأن المثبت لحق الرد له هو العيب وهو مقصور على (٨) المعيب حقيقة وحكماً، فلا يتمكن به من رد الآخر بعد تمام الصفقة فلزم جواز التفريق ضرورة عدم جواز ردّ غير العيب (٩) لما أن رد السالم عن العيب حرام من كل وجه، والتفريق مكروه فيما فيه الكراهة، والاحتراز عن الحرام أوجب عن الاحتراز عن المكروه.

وأمَّا السادس فإن الإعتاق هو عين الجمع بأكمل الوجوه لا التفريق؛ وذلك لأن المعتق أو المكاتب صار أحق بنفسه، فيدور هو حيثما دار أخوه، ويتعاهد أموره على ما أراد، ولا اعتبار لخروجه عن ملكه بعدما حصل المعنى الموجب وإبقائهما جميعاً مع زيادة وصفٍ وهي استبداد بنفسه.


(١) سقط من (ب).
(٢) [الحج: ٧٨].
(٣) "نجز" في (ب).
(٤) "لهذب" في (ب).
(٥) قال في المبسوط (١٣/ ١٤٢): " وفي القياس يكره ذلك، وهو رواية عن أبي يوسف؛ لأن الصغير يستأنس بكل واحد منهما في حقه كالمنفرد به وفي الاستحسان قال: هذا يمنع لحق الصغير وحقه مراعى إذا ترك معه أحد الكبيرين فإنه يستأنس به ويقوم الكبير بحوائجه فلا بأس ببيع الآخر".
(٦) سقط من (ب).
(٧) "بالخيار" في (ب).
(٨) "عن" في (ب).
(٩) "المعيب" في (ب).