للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر هذه المسألة فيه بأوضح بيان فقال ولو ادَّعى رجل هبة مقبوضة فادَّعى الآخرصدقة مقبوضة وأقاما البينة فإن وقتت إحدى البينتين ولم توقت الأخرى قضيت بها لصاحب الوقت؛ لأنّ كل واحد منهما أثبت سبب ملك حادث فإنّما يحال بحدوثه على أقرب [الأوقات وقد أثبت أحدهما تاريخًا سابقاً بالتوقيت فيقضي بها له وإن كان في يد من لم يوقت شهوده قضيت بها له؛ لأن قبضه دليل سبق عقده وهو دليل] (١) معاين فالتوقيت في حق الآخر مخبر به وليس الخبر كالمعاينة إلا أن يقيم الآخر بينة أنّه الأوّل فحينئذ يكون هو أولى لإثباته الملك في وقت لا ينازعه الآخر فيه وإن لم يكن هناك تاريخ ولا قبض معاين لأحدهما ففيما لا يقسم يقضي به بينهما نصفان لاستوائهما في سبب الاستحقاق، وفيما يحتمل القسمة كالدار ونحوها تبطل البينتان جميعًا إذا لم يكن فيهما ما يرجح أحديهما من قبض أو تاريخ؛ لأنا لو عملنا بهما قضينا لكل واحد منهما بالنصف والهبة والصدقة [في مشاع] (٢) يحتمل القسمة لا تجوز (٣) قيل هذا قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٤)، أما عند أبي يُوسُف ومُحَمَّد (٥) فينبغي أن يقضي لكل واحد منهما بالنصف على قياس [قول] (٦) هبة الدار لرجلين وقيل ينبغي على قولهم أن يقضي جميعًا لكل واحد منهما [بالنصف لأنّ كل واحد منهما] (٧) أثبت قبضه في الكل ثُمَّ الشيوع بعد ذلك طارئ وذلك لا يمنع صحة الهبة والصدقة، والأصح أنّ المذكور في الْكِتَابِ (٨) قولهم جميعًا؛ لأنا لو قضينا لكلّ واحد منهما بالنصف فإنما نقضي بلعقد الذي شهد به شهوده وعند اختلاف العقدين لا تجوز الهبة لرجلين عندهم جميعًا، وإنما يثبت الملك بقضاء القاضي وتمكن الشيوع في الملك المستعاد بالهبة مانع لصحتها وهذا عند أبي يُوسُف -رحمه الله- (٩) يعني يقضي لكل واحد منهما بالنصف ثُمَّ للمرأة بنصف القيمة على الزوج ويرجع المشتري عليه بنصف الثمن إن كان نقده إياه فوجهه ما ذكر قبله بقوله: لأنّ كل واحد منهما معاوضة يثبت الملك بنفسه وكانا بمنزلة الشرائين بل النكاح أقوى من الشراء من وجه؛ لأنّ الملك في الصداق يثبت بنفس العقد متأكدًا حتى لا يبطل بالهلاك قبل التسليم بخلاف الملك في المشترى ويجوز التصرف في الصداق قبل القبض بخلاف المشترى فإن لم يترجح جانب النكاح بهذا فلا أقل من المساواة.


(١) [ساقط] من (ج).
(٢) [ساقط] من (ج).
(٣) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (١/ ٢٢٢).
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٥/ ١٠٤).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١/ ١٠).
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) يُنْظَر: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٥).
(٩) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١٠/ ١)، المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (ت ٤٢٨ هـ).