للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رحمه الله-: (وصار كما في دعوى الشراء إذا أرّخت إحداهما) (١) يعني إذا ادّعيا الشراء من بائع واحد وأرّخ أحدهما دون الآخر حينئذ يقضي به للمؤرخ.

وأمّا إذا ادّعيا الشراء من بائعين ووقّت أحدهما دون الآخر قضى به بينهما نصفين وقد مرّ وأمّا على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- يقضي للخارج؛ لأنّه لا عبرة للتاريخ في دعوى الملك المطلق حالة الانفراد فيسقط اعتبار التاريخ ويبقى دعوى الملك المطلق فيقضي به للخارج وهو الصحيح من مذهبه وذلك لأن الذي لم يؤرخ سابق على الذي أرّخ من وجه لا حق من وجه سابق من حيث أنّ دعوى الملك المطلق دعوى أولية الملك حكمًا فبهذا الاعتبار غير المؤرخ يكون سابقاً على المؤرخ ولاحقاً من حيث أن دعوى مطلق الملك يحتمل التملك من جهة الْمُدَّعَى عليه بعد تاريخ المؤرخ فبهذا الاعتبار يكون لاحقاً وإذا كان غير المؤرخ سابقاً من وجه ولاحقاً من وجه كان المؤرخ أيضاً سابقاً من وجه لاحقاً من وجه فقد استويا في السّبق واللحوق فيجعل كأنهما ملكا [معًا] (٢) وعند ذلك لا يمكن اعتبار معنى التاريخ فهو معنى قولنا أنّ دعوى التاريخ حالة الانفراد ساقط الاعتبار بخلاف ما إذا أرّخا و/ تاريخ أحدهما أسبق حيث يقضي لاسبقهما تاريخًا [عنده لأنّ أسبقهما تاريخًا] (٣) سابق من كل وجه والآخر لاحق من كل وجه فعلى قول أبي يُوسُف الآخر وهو قول مُحَمَّد أولاً للتاريخ عبرة وغير المؤرخ أسبقهما تاريخًا معنىً لأنه يدعي أولية الملك فيقضي لغير المؤرخ كذا في الذَّخِيرَةِ ولهما أن بينة ذي اليد إنما تقبل لتضمنه معنى الدفع على ما ذكرنا قبيل هذا فيما إذا أقام للخارج وذو اليد بينة على ما ادّعيا وأرّخا وتاريخ بينة ذي اليد أقدم من تاريخ للخارج كانت بينة ذي اليد أولى [عند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف (ولا دفع هاهنا حيث وقع الشك في التلقي من جهته) أي: من جهة ذي اليد يعنى أنّ الاحتمال والتردّد وقع في معنى الدّفع هاهنا فلا يترجّح بينة ذي اليد] (٤)؛ لأنّه لما أرّخت بينة ذي اليد ولم تؤرّخ بينة الخارج لم نستيقن فإنّه يجب أن يكون الملك للخارج متلقىً من جهة ذي اليد لجواز أن الخارج لو وقت شهوده كان أقدم فإذا وقع التردد والاحتمال في تضمنه معنى الدفع لم يقبل بينة ذي اليد مع الشك وعلى هذا إذا كانت الدار في أيديهما فأقام أحدهما بينة على ملك مؤرّخ وأقام الآخر على مطلق الملك سقط التاريخ عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وقال أبو يُوسُف -رحمه الله- الذي وقّت أولى والوجه ما بيّنا كذا في الْإِيضَاحِ.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧١).
(٢) [ساقط] من (ج).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) [ساقط] من (ج).