للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو كانت في يد ثالث والمسألة بحالها) أي: وقتت بينة أحد الخارجين في الملك المطلق دون الأخرى (فهما سواء) أي: فالخارجان سواء فصارا كأنهما أقاما البينة على ما ادّعياه ولم يوقت واحد منهما (لأنّه [ادعى] (١) أوليةَ الملك بدليل استحقاق الزوائد) (٢) وهي الأولاد والاكساب فكان مدّعي مطلق الملك كان مدّعياً للملك من الأصل فكان ملك الأصل أولى من التاريخ (كما لو ادّعيا الشراء) أي: ادّعيا الشراء من بائع واحد ثُمَّ أرّخ أحدهما دون الآخر كان صاحب التاريخ أولى وأبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- يقول بأنّ الاحتمال لما وقع في التاريخ أنه هل هو متقدم أم لا سقط اعتباره فقوله: (يُضامّهُ) (٣) أي: يزاحمه بخلاف الشراء هذا جواب عن قول أبي يُوسُف -رحمه الله- يعني أنّهما لما ادّعيا الشراء اتفقا على الحدوث ولابد للحدوث من التاريخ فكان صاحب التاريخ أولى كذا في الْإِيضَاحِ فصاحب اليد أولى سواء أقام صاحب اليد بينة على دعواه قبل القضاء بها للخارج أو بعده وهذا جواب الاستحسان.

وأمّا جواب القياس فالخارج أولى وبه أخذ ابن أبي ليلى -رحمه الله- (٤) ووجهه أنّ بينة الخارج أكثر استحقاقاً من بينة ذي اليد لأنّ الخارج بينته كما يثبت استحقاق أوليّة الملك بالنِّتاج يثبت استحقاق الملك الثابت لذي اليد بظاهر يده وذو اليد بينته لا تُثبت استحقاق الملك الثابت للخارج بوجهٍ مّا فكانت بينة الخارج أولى بالقبول كما في دعوى الملك المطلق وجه الاستحسان ما رواه أبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- عن الهيثم -رحمه الله- عن رجل عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: " أن رجلاً ادّعى ناقة في يد رجل وأقام البينة أنّها ناقته نتجها وأقام ذو اليد البيّنة أنها ناقته نتجها فقضى رسول الله -عليه السلام- بها للذي هي في يده" (٥)، ولأنّ يد ذي اليد لا تدل على أوّلية الملك فهو ببينته يثبت ما ليس بثابت بظاهر يده فوجب قبول بينته ثُمَّ يترجح بيده بخلاف الملك المطلق فإنّ هناك لا [يثبت] (٦) ببينته إلا ما هو ثابت له بظاهر يده ومعنى هذا الكلام أنّ حاجة ذي اليد إلى دفع بينة الخارج وفي إقامته البينة على النِّتاج ما يدفع بينة الخارج لأن النِّتاج لا يتكرّر فإذا ثبت أنه نتجها اندفع بينة الخارج فيدفع استحقاق الخارج ضرورة فأمّا في الملك المطلق فليس في بينته ما يدفع بينة الخارج لأنّ ملكه في الحال لا ينفي ملكًا كان للخارج فيه من قبل فلهذا عملنا ببينة الخارج هناك.


(١) في (ب): (دعوى).
(٢) يعني: (الزوائد المتصلة كالسمن، والمنفصلة كالأكساب، فكان ملكاً للأصل، وملك الأصل أولى من التاريخ). يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٨/ ٢٦٥).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧١).
(٤) يُنْظَر: مجمع الأنهر (٣/ ٣٧٨).
(٥) البيهقي في الكبرى، كتاب الدعاوى والبينات، باب المتداعيين يتنازعان شيئا فى يد أحدهما ويقيم كل واحد منهما على ذلك بينة، برقم (٢١٧٥٧)، (١٠/ ٢٥٦)، وروي من طريق أبي حَنِيفَةَ عن هيثم الصيرفى عن الشعبى عن جابر، أخرجه البيهقي في الكبرى، كتاب الدعاوى والبينات، باب المتداعيين يتنازعان شيئا في يد أحدهما ويقيم كل واحد منهما على ذلك بينة، برقم (٢١٧٥٨)، (١٠/ ٢٥٦) وروي هذا الحديث من طريق الشافعي أنبأنا ابن أبى يحيى عن إسحاق بن أبى فروة عن عمر بن الحكم عن جابر، أخرجة الشافعي في مسنده، كتاب الدعاوى والبينات، برقم (١٥٢٨)، (١/ ٣٣٠).
(٦) [ساقط] من (ج).