للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ ثمرة الخلاف إنما تظهر في حق تحليف ذي اليد وعدمه فعند عيسى بن أبان يحلف ذو اليد للخارج؛ لأنّ البينتين لما تهاترتا صار كأن البينتين لم تقوما بالشهادة أصلاً فيقضي لذي اليد قضاء ترك بعدما/ حُلّف للخارج وعندنا (١) لا يحلف كذا في المَبْسُوط (٢) والذَّخِيرَةِ (٣).

[يقال] (٤): تلقّاه أي: استقبله بالقبول والأخذ (٥) (ولو تلقى كل واحد منهما) (٦) أي: ولو أخذ كل واحد من الخارج وذي اليد الملك من رجل على حدة فكان البائع رجلين وأقاما البينة على النِّتاج عنده الضمير راجع إلى رجل.

وذكر في الذَّخِيرَةِ (٧) هذه المسألة بهذه العبارة فقال: عبد في يدي رجل ادّعاه أنه عبده اشتراه من فلان وأنّه قد وُلد في ملك فلان الذي باعه [وأقام على ذلك بينة وأقام صاحب البينة أنه عبده اشتراه من فلان يريد به رجلاً آخر وأنّه قد ولد في ملك فلان الذي باعه] (٨) قضى به لذي اليد لأنّ كل واحد منهما ببينته يثبت أولية الملك بالولادة ثُمَّ يثبت الانتقال إلى نفسه فكأنّ المملكين حضرا وادّعيا ذلك وأحدهما صاحب يد وهناك يقضي لصاحب اليد كذا هاهنا وذكر فيها أيضاً قبل هذا من جنسها فقال: شاةٌ في يدي رجل أقام رجل البينة على أنّها شاته ولدت في ملكه وأقام صاحب اليد بينة أنها شاتة تملكها [من جهة فلان وأنها ولدت في ملك فلان ذلك الذي تملكها] (٩) منه قضى لصاحب اليد؛ لأنّ صاحب اليد خصم عمّن تلقى الملك من جهته ويده يد المتلقي منه فصار كأن المتلقي منه حضر وأقام البينة على النِّتاج والشاة في يده وهناك يقضي بالشاة له كذا هنا وفي عكسه أيضاً يقضي لصاحب اليد.

وذكر في المَبْسُوط (١٠) بعدما ذكر هذه المسائل وكذلك لو أقام البينة على وراثه أو وصية أو هبة مقبوضة من رجل وأنّه ولد في ملك ذلك الرجل لأنه يتلقى الملك من جهة مورثه أو من موصيه فيكون خصمًا عنه في إثبات نتاجه وكذا إذا كان الدَّعْوَى بين خارجين فبينة النِّتاج أولى يعني أنّه إذا ادّعى رجل عبدًا في يدي رجل بأنّه ملكه مطلقاً وادّعاه آخر أنّه ملكه [ولد في ملكه] (١١) وأقاما البينة على ذلك فبيّنة النِّتاج أولى من بينة الملك مطلقاً لما ذكرنا وهو قوله: (لأنّ بينته) أي: بينة صاحب النِّتاج قامت على أولية الملك (إلا أن يعيدها ذو اليد) (١٢) أي: فحينئذ يقضى له وإلاّ فلا وذلك لأنّ القضاء بالبينة الأولى كان على خصمه خاصّة فيُجعل إقامتها في حق الثاني وجوده وعدمه بمنزلة؛ لأنّ المقضي به الملك وثبوت الملك بالبينة في حق شخص لا يقتضي ثبوته في حق آخر ألا ترَى أنّ في الملك المطلق [لا] (١٣) يصير ذو اليد مقضيًّا عليه دون غيره من الناس فإن أعاد بينته قضى بها له تقديمًا لبينة ذي اليد على بينة الخارج في النِّتاج فإن لم يعد قضى بها للمدّعي كذا في المَبْسُوط (١٤)؛ لأن الثالث لم يصر مقضيًا عليه بتلك القضية لأن التملك بالنِّتاج لا يكون استحقاقً على أحد لأنّه يتبين أنّه من الابتداء كان ملكًا له وهو لا يتكرر فلما لم يصر الثالث مقضيًّا عليه في تلك الحادثة يسمع ببينته والحاصل أن من صار مقضيًّا عليه في حادثة بالبينة لا يصير مقضيًّا له في تلك الحادثة كما ذكرنا من الذَّخِيرَةِ (١٥) (١٦) في قوله: وفي دعوى الملك المطلق [لو تفرد] (١٧) الخارج بإقامة البينة وقضى له ثُمَّ أقام صاحب اليد بينة [أنه له لا يسمع بينته لأن الخارج ببينته] (١٨) استحق على ذي اليد الملك الثابت له بظاهر يده فصار ذو اليد مقضيًّا عليه فلا يسمع بينته بعد ذلك وفي النِّتاج على عكس ذلك فإنّ الخارج لو تفرّد بإقامة البينة وقضى له ثُمَّ أقام صاحب اليد البينة على النِّتاج تقبل بينته ويقضي له بالدابة لما أن الخارج ببينته لم يستحق على ذي اليد شيئاً وذلك؛ لأنّ النِّتاج يدلّ على أولية الملك صريحًا وبعدما ثبت الملك لذي اليد بسبب النِّتاج لا يتصوّر أن يصير الخارج بسبب النِّتاج؛ لأنّ النِّتاج مما لا يتكرّر فلا يمكننا أن نجعل ما يستحقه الخارج من الملك الثابت لذي اليد بظاهر اليد استحقاقاً على ذي اليد بخلاف دعوى الملك المطلق لأنّه كما يحتمل أن يكون له من الأصل يحتمل أن يكون له من جهة صاحب اليد فأمكننا أن نجعل ما يستحقّه الخارج من الملك الثابت لذي اليد بظاهر اليد استحقاقا على ذي اليد فجعلناه كذلك في حق ترجيح بينة الخارج على بينة ذي اليد ولما لم يصير ذو اليد مقضيًّا عليه في حق النِّتاج يسمع بينته بالنِّتاج كما يسمع بينة أجنبي آخر.


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٦/ ٢٣٤).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٥).
(٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١٠/ ١٥٧).
(٤) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٥) يُنْظَر: لسان العرب (١٥/ ٢٥٣)، مختار الصحاح؛ للرازي (١/ ٦١٢).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧١).
(٧) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٣/ ٩٢).
(٨) [ساقط] من (ج).
(٩) [ساقط] من (ج).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٢٨).
(١١) [ساقط] من (ج).
(١٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٢).
(١٣) [ساقط] من (أ) و (ب).
(١٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٤٤).
(١٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١٠/ ١٢٧).
(١٦) [ساقط] من (ج).
(١٧) في (ج) (لزوم).
(١٨) [ساقط] من (ج).