للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ اعلم أن الرجل/ إذا صار مقضيًّا عليه في الملك المطلق كما لا يسمع بينته بعد ذلك فكذلك إذا صار مقضيًّا عليه في النِّتاج بعد ذلك لا يسمع بينته وإن أعاد بينته في النِّتاج وأيضاً كما يشترط على ذي اليد الأوّل إعاده البينة فكذلك يشترط ذلك على ذي اليد الثاني عند دعوى [المدّعي] (١) بالنِّتاج، فصورة ذلك ما ذكره في الذَّخِيرَةِ (٢) فقال: عبدٌ في يدي بخاري (٣) مثلاً أقام عليه سَمرْقَنْدِيّ (٤) البينة أنّه عبده ولد في ملكه، وأقام البخاري بينة بمثل ذلك وقضى القاضي بالعبد للبخاري وأبطل بينة السمرْقَنْدِيّ ثُمَّ حضر خُجَنْدِيُّ (٥) وأقام بينة على [البخاري أنه عبده وُلد في ملكه فإنّه يستحقه ببينته إلا أن يعيد البخاري البينة على الخجندي أنّه عبده ولد في ملكه ولا يكتفي بالبينة الأولى فإن لم يقدر أي: البخاري] (٦) على إعادة البينة قضى القاضي بالعبد للخُجَنْدِيِّ، ثُمَّ أحضر البخاري البينة أنّ العبد عبده ولد في ملكه قضى القاضي به للبخاري وإن لم يُعد البخاري البينة ولكن حضر أَوْسِيُّ (٧) وأقام البينة أنّه عبده ولد في ملكه فإنّ القاضي يقول للخُجَنْدِيُّ أعد بينتك على أنّه عبدك ولد في ملكك بمحضر من الأَوْسِيِّ فإن أحضرها كان هو أحقَّ بالعبد من الأوسي فإن حضر السَّمَرْقنْديُّ وهو المدّعي الأوّل وأقام البينة أنّه عبده ولد في ملكه لم تقبل بينته؛ لأنّه قد قضى عليه به مرّة فلا تقبل بينته على أحد بعد ذلك وكذا المقضي عليه بالملك المطلق إذا أقام البينة على النِّتاج تقبل صورته ما إذا اقام الخارج البينة على ذي اليد في دابة معينة بالملك المطلق فقضى القاضي بها له ثُمَّ أقام ذو اليد البينة على النِّتاج يقضي بها له وينقض القضاء الأوّل وهذا استحسان وفي القياس لا يقبل بينته لأنه صار مقضيًّا عليه بالملك فلا تقبل بينتة إلا أن يدعي تلقي الملك من جهة المقضي له وجه الاستحسان أن من يقيم البينة على النِّتاج يثبت أوّلية الملك لنفسه وأنّ هذه العين حادثة على ملكه فلا يتصوّر استحقاق هذا الملك على غيره فلم يصر ذو اليد به مقضيًّا عليه وقد تبيّن بإقامة البينة أنّ القاضي أخطا في قضائه وأن أوليّة الملك لذي اليد فلهذا نُقض قضاؤه بخلاف الملك المطلق فإن قيل القضاء ببينة الخارج مع بيّنة ذي اليد على النِّتاج مجتهد فيه فعند ابن أبي ليلى -رحمه الله- بينة الخارج أولى (٨) فينبغي أن لا ينقض قضاء القاضي لمصادقته موضع الاجتهاد.


(١) [ساقط] من (ج).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١٠/ ١٣٦).
(٣) البُخَاري: بضم الباء الموحدة وفتح الخاء المعجمة والراء بعد الالف، هذه النسبة إلى البلد المعروف بما وراء النهر يقال لها بخارا، خرج منها جماعة من العلماء في كل فن يجاوزون الحد والآن مدينة بخارى في أوزبكستان بآسيا الوسطى. يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (١/ ٢٩٣).
(٤) سمرقند: بلد معروف مشهور قيل: إنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب، فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها وهي الآن مدينة في أوزبكستان بآسيا الوسطى. يُنْظَر: معجم البلدان (٣/ ٢٤٦).
(٥) الخُجَنْدِيُّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها الدال، هذه النسبة إلى خجند، ويقال لها بزيادة التاء خجندة أيضا، فتحت خجند سنة ثلاث ومائة في خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان، الآن مدينة في كازاخستان بآسيا الوسطى. يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (٢/ ٣٢٧).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) الأَوْسِيُّ: بفتح الالف وسكون الواو وفي آخرها سين مهملة، هذه النسبة إلى الأوس وهو بطن من الأنصار بالمدينة المنورة. يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (١/ ٢٢٨).
(٨) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣٢٠).