للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الحاكم أبو محمد (١) رواية عن أبي حنيفة: قال إن دامت العُقْلَة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة ويجوز الإشهاد عليه لأنه عجز عن النطق بمعنى لا يرجى زواله فكان كالأخرس قالوا وعليه الفتوى كذا ذكره الإمام المحبوبي: (٢).

وفي الآبدة عرفناه بالنص وهو ما روي عن رافع بن خَديج (أن بعيرًا من إبل الصدقات نَدَّ فرماه رجل بسهم وسمى فقتله فقال - صلى الله عليه وسلم - «إن لها أَوَابِدَ كأوابد الوحش فإذا فعلت شيئًا من ذلك فافعلوا بها كما فعلتم بهذا ثم كلوه» (٣) هكذا ذكر في صيد المبسوط (٤).

ولا يحد أي ولا يحد الأخرس إذا كان قاذفًا بالإشارة والكتابة.

ولا يحد له أي إذا كان مقذوفًا.

وهو في الأخرس أظهر أي العجز في حق الأخرس أظهر من العجز في حق الغائب؛ وذلك لأن الظاهر من حال الغائب أنه يحضر وأما الأخرس فالظاهر من حاله أنه لا يزول خرسه؛ فلما قبل الكتابة في حق الغائب في ثبوت الأحكام مع رجاء الحضور لأن يقبل في حق الأخرس مع يأس زوال الخرس أولى ثم الكتاب على ثلاث مراتب.

مستبين احتراز عن غير المستبين وهو الكتابة على الهواء والماء.

مرسوم أي معنون أي يصدر بالعنوان والعنوان هو أن يكتب في صدره من فلان إلى فلان.

ينوي منه أي يطلب منه النية فيه بمنزلة صريح الكتابة.

وهو كقوله أنت بائن أي بمنزلة كتابة قولية أما الكتابة فهي ليست بصريحة في الكتابة لأنها فعل والكتابة الحقيقية إنما تكون في القول.

وذكر الإمام التمرتاشي: وإذا كتب مستبينًا لكن غير مرسوم كالكتابة على الجدار أو على التراب أو على الكاغد لا على وجه الرسم كان لغوًا؛ لأنه لا عرف في إظهار الأمر بهذا فلا يكون حجة إلا بالنية (٥) والبيان.


(١) هو: الحاكم الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد الكفيني، كان فقيها فاضلا، روى عنه: الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الكرميني وغيره. ينظر: الأنساب للسمعاني (١١/ ١٢٩)، الجواهر المضية (١/ ٢٩١).
(٢) ينظر: العناية (١٠/ ٥٢٤)، البناية (١٣/ ٥٣٩).
(٣) أخرجه البخاري في (صحيحه) كتاب الذبائح والصيد باب إذا ند بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله فأراد إصلاحهم فهو جائز (٧/ ٩٨ رقم الحديث: ٥٥٤٤)، ومسلم في (صحيحه) كتاب الأضاحي باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام (٣/ ١٥٥٨ رقم الحديث: ١٩٦٨).
(٤) ينظر: العناية (١٠/ ٥٢٤)، البناية (١٣/ ٥٣٩)، المبسوط (١١/ ٢٥٣).
(٥) في (ب): بالبينة؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.