للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بعض الآيات وَصَف القُرآن بأنه حَكيم بدون أن يَذكُر التَّشابُه، مثل قوله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: ١]، وهذا بمَعنَى المُحكَم المُتقَن الذي لا يَتَناقَض، فهو عكس المُتشابِه؛ لأن المُحكَم هو الذي لا يَتَناقَض.

فالقُرآن إِذَنْ وُصِف بأنه مُحكَم كلُّه، وأنه مُتشابِه كُلُّه، وأن بعضَه مُحكَم، وبعضُه مُتَشابِه، فوَصْفه أنه كلُّه محُكَمٌ مُتقَن لا يَتَناقَض في قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]، ووَصْفه بأنه كلُّه مُتَشابِه، أي: يُشبِه بعضُه بعضًا في الكَمال والجَوْدة وصفُه بأن بعضَه مُحكَمٌ وبعضُه مُتشابِه، أي: أن بعضَه واضِح المَعنَى وبعضَه خَفيُّ المَعنَى.

ومِثال الواضِح المعنى: السماء والأرض والنُّجوم الشمس والقمر والإنسان وما أَشبَهها، فهذا واضِح.

ومِثال المُتشابِه: أن تُوجَد آيتان ظاهِرُهما التَّعارُض مثل قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢]، وفي آية أُخرى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣]، فكيف تَجمَع المَعنيَيْن هنا، ففي هذه الآيةِ يُنكِرون، وفي الآية التي ذكَرْناها قبلُ لا يَكتُمون الله تعالى حديثًا، إذ قد يَأتي إنسان فيَقول: أنا لا أَعرِف وجهَ الجَمْع!!

ولكن الراسِخون في العِلْم يَعلَمون كيف يَجمَعون بين هذه وهذه، فالجَمْع بينهما أن يومَ القِيامة للناس فيه أحوال؛ لأنه يَومٌ مِقدارُه خَمسون ألفَ سَنَةً، فمَرَّةً يَكتُمون ومرَّةً يُقِرُّون ولا يَكتُمون الله تعالى حديثًا.

ومن ذلك أيضًا ذكَر الله أنه {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: ١٠٢]، وقال تعالى:

<<  <   >  >>