للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ١٠٦] فكيف نَجمَع، فإنه مرَّةً يَقول: تَسوَدُّ، ومرَّةً يَقول: زُرْقًا؟

الجَواب: أن يُقال: إن بعضهم هكذا وبعضهم هكذا، أو إنهم في وقتٍ يَكونون زُرقًا، وفي وقتٍ يَكونون سُودًا، أو أن الأزرق الداكِن يَكون مائِلًا إلى السَّواد فيُطلَق عليه أنه أسودُ، أو أن الزُّرقة في عُيونهم والسَّواد في بقية الجِسْم، وما أَشبَه ذلك.

فالمُهِمُّ: أن الراسِخين في العِلْم يَعرِفون كيف يَجمَعون، لكن غيرهم يَكون خَفيًّا عليهم؛ ولهذا يَقول العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: إن القُرآن وُصِف بالتَّشابُه على سبيل العُموم وبالإِحْكام على سبيل العُموم، ووُصِف بأن بعضَه مُحكَم وبعضه مُتشابِه، والجَمْع للراسِخين في العِلْم.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن القرآن قد بلَغ الغايةَ في البَلاغة؛ لكونه يَأتي مَثانيَ.

ويَتفرَّع على هذه الفائِدةِ: أنه يَنبَغي لمَن تَكلَّم في مَوْعِظة الناس أن لا يَأتِيَ بالتَّرغيب المُطلَق ولا بالتَّرهيب المُطلَق، وذلك أنه إذا أتَى بالتَّرغيب المُطلَق حمَلهم على الرَّجاء فتَهاونوا، وإذا أتَى بالتَّرهيب المُطلَق حمَلهم على اليَأْس فقنَطوا من رحمة الله تعالى، فالذي يَنبَغي للإنسان الذي يَتكلَّم مع الناس في المَواعِظ: أن يَكون يَتكلَّم أحيانًا بهذا وأحيانًا بهذا حتى لا يَحمِل الناسَ على القُنوط أو على الرَّجاء الذي يُوجِب الأَمْن من مَكْر الله تعالى.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن المُؤمِن يَتأثَّر بالقُرآن، ويَقشَعِرُّ منه جِلْده، ويَخاف، ثُمَّ بعد ذلك تَرجِع إليه الطُّمأنينة ويَلين قَلْبه.

ويَتفرَّع على هذه الفائِدةِ: أنك إذا رأَيْت نَفْسك على غير هذه الحالِ فاعلَمْ أن

<<  <   >  >>