للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيمانك ضعيف؛ لأن هذا الخبَرَ خبَرٌ من الله عَزَّ وَجَلَّ، فلا يُمكِن أن يَتخَلَّف مُخبِره فكل مُؤمِن يَقشَعِرُّ جِلْده ممَّا يَسمَع من القُرآن الكريم في الوعيد، وإذا لم تَكُن كذلك فإن إيمانَك ضعيف.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن ذِكْر الله عَزَّ وَجَلَّ سبَبٌ للِين القُلوب وطُمأْنِينتها؛ لقوله تعالى: {تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، ويَشهَد لهذا قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: امتِنان الله عَزَّ وَجَلَّ على هَؤلاء بالهِداية؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ} الباء للسبَبية كما تَقدَّم في التفسير، وإثبات الأَسباب هو المُوافِق للمَنقول والمَعقول:

أمَّا المَنقول فما أكثَرَ الآياتِ التي فيها إثبات الأَسباب مِثل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: ٦٣]، وقوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: ١٧]، وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: ٩]، والآياتُ في هذا كثيرةٌ.

والمَعقول كذلك يَدُلُّ على إثبات الأَسباب، وأن لها تَأثيرًا في مُسبَّباتها، فكُلُّنا يَعرِف أن ضَرْب الزُّجاج بالحجَر يَكسِره، وأن الزُّجاج انكَسَر بضَرْب الحجَر؛ وهذا خِلافًا لمَن أَنكَر الأسباب، وقال: إنه لا أثَرَ للأسباب في مُسبَّباتها، فإن قوله هذا خِلاف الشَّرْع وخِلاف العَقْل؛ حتى إنه قيل لهم: أَلَيْسَتِ الوَرَق تَحتَرِق بالنار؟ فقالوا: لا، تَحتَرِق عند النار لا بالنار! وقيل لهم: أَلَيْس الزُّجاج يَنكَسِر بالحجَر يُرمَى به؟ فقالوا: لا، يَنكَسِر عند الحجَر لا بالحجَر. قالوا: لأننا لو أَثبَتْنا تَأثير الأسباب

<<  <   >  >>