للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المِسكينُ إذا كان يَقتَنِع بهذا التَّدانِي فهو قَنوع جِدًّا.

الشاهِد من هذين البَيْتين قولُه: (نَعَمْ) يَعنِي: نعَمْ أن الليل يَجمَعه مع أُمِّ عَمرٍو، وهذه (نعَمْ) في مَحَلِّ (بَلَى).

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أن مَن حقَّتْ عليه كلِمة العذاب فقد أَوجَبَ؛ لقولهم: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: أن المُكذِّبين للرُّسُل يُبصِرون في ذلك اليومِ بَصَرًا شَديدًا، ويَعلَمون الحقَّ عِلْمًا أَكيدًا؛ لقولهم: {بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}، فلو كان هذا الإقرارُ في الدنيا لنَجَوْا من العذاب، قال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} يَعنِي: يوم القِيامة {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢]، أمَّا في الدنيا فبَصَرك أَعشَى، لكن في الآخِرة البصَر حَديد قَويٌّ جِدًّا يَرَى أكثَرَ ممَّا يَراه في الدنيا أضعافًا مُضاعَفة.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: أن الكلِمة إنما تَحِقُّ على الكافِرين؛ لقوله تعالى: {عَلَى الْكَافِرِينَ}.

ويَتَفرَّع على هذه الفائِدةِ: أن هؤلاءِ لم تَحِقَّ عليهم الكلِمة إلَّا لكُفْرهم، فهو كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥].

وعلى هذا يَندَفِع الإشكال، فلو قيل: كيف حَقَّت كلمة ربِّك أو كلِمة الله تعالى على هؤلاء دون غيرهم؟

فالجَوابُ على ذلك من وَجْهين:

الوجهُ الأوَّل: أن الله تعالى علِم من هؤلاء أنهم ليسوا أهلًا للهِداية، قال تعالى:

<<  <   >  >>