للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الْعَاشرَةُ: الإشارة إلى أنَّ الإثْمَ إنما يتحمَّلُه من كان قابلًا له؛ لقوله: {وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} والوازِرَة هي التي تكون أهلًا لتَحَمُّل الوِزْر، والذي يكون أهلًا لتَحَمُّل الوِزْر من جَمْعِ وَصْفَيْنِ: البلوغ والعقل؛ لقوله في الحديث الصَّحيح: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ" (١) صحَّحه كثير من أهل العلم.

فإن قال قائل: أليس الأبُ الراعي على أولاده إذا أهملوا شيئًا كان عليه إثمٌ من إهمالهم؟

فالجواب: بلى، ولكِنَّ إهمالَه إيَّاهم وزرٌ وإثْمٌ؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦]؛ ولأنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" (٢).

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: وفي قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ} إلخ: أنَّ المَرْجِعَ إلى الله يوم القيامة.

ويتفرَّع على هذه الفائِدَة: وجوبُ الاستعداد لهذا اللِّقاء وهذا المَرْجِع، والاستعدادُ له يكون بِتَرْكِ المعاصي وفِعْل الطَّاعات، فما دام المَرْجِعُ إلى الله فلا يمكن أن تَرْجِعَ إلى غيره؛ ومهما كان فإنَّ مرجعكم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فهو منه المبتدأ وإليه المُنْتهى.


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ١١٦)، وأبو داود: كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق، رقم (٤٤٠٢)، والترمذي: كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، رقم (١٤٢٣)، والنسائي: كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه، رقم (٣٤٣٢)، وابن ماجه: كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه، رقم (٢٠٤٢)، من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، رقم (٥٢٠٠)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، رقم (١٨٢٩)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>