للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلٌ: في الدِّيَاتِ.

الديات: جَمعُ دِيَةٍ، وهي: المالُ المؤدَّى إلى مَجنِيٍّ عليه أو وَلِيِّه، بسبَبِ جِنايةٍ.

والأصلُ في مَشروعيَّةِ الدِّيَةِ، الكتابُ والسُّنةُ، والإجماعُ.

أمّا الكتابُ: فقولُه تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].

وأما السُّنةُ: فحديثُ أَبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حَزمٍ: أنَّ النبيَّ كَتبَ لعمرِو بنِ حَزمٍ كتابًا إلى أهلِ اليَمنِ فيه الفَرائضُ، والسُّنَنُ، والدِّيَاتُ، وقال فيه: «وإنَّ في النَّفسِ المؤمِنَةِ مِائةً مِنْ الإِبِلِ». ويَأتي.

وحديثُ أَبي هريرةَ مرفوعًا: «مَنْ قُتِلَ له قَتيلٌ فأَهلُه بين خَيرَين، إنْ أَحبُّوا قَتلُوا، وإنْ أَحبُّوا أَخذُوا العَقْلَ». رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

وأمّا الإجماعُ فقد أَجمعَ أهلُ العِلمِ على مَشروعيَّةِ الدِّيَةِ في الجُملةِ.

والحِكمةُ مِنْ شرعيَّةِ الدِّيَةِ: تَشفِّي الأَولياءِ، فبِها يَحصُل دَرْكُ غَيظِهم الذي يَكون في أَخذِه جَبرٌ للمُصيبةِ وتَهدئةٌ للثَّائرةِ.

وأيضًا التَّخفيفُ عن الأُمَّةِ في التَّشريعِ، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]، قال أبو جعفرٍ الطبريُّ في قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البَقَرَة: ١٧٨] يَعني تعالى بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ [البَقَرَة: ١٩٦] هذا الذي حَكمتُ به وسَنَنْتُه لكُم مِنْ إِبَاحَتي لكُم -أيَّتُها الأُمَّةُ- العفوُ عن القِصاصِ عن قاتلِ قَتيلِكم، على دِيَةٍ تَأخُذُونَها فتَملِكونَها مِلكَكُم سائِرَ أَموالِكُم التي مَنَعتُها

<<  <   >  >>