للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ القَرَافِيُّ: للنَّصِّ ثلاثةُ اصطلاحاتٍ:

أحدُها: ما لا يَحتملُ التَّأويلَ.

الثَّاني: ما احتملَه احتمالًا مرجوحًا؛ كالظَّاهرِ، وهو الغالبُ في إطلاقِ الفقهاءِ.

الثَّالثُ: ما دَلَّ على معنًى كيف كانَ (١). انتهى.

ويُطلَقُ النَّصُّ على الظَّاهرِ، فالنَّصُّ لغةً: الكشفُ والظُّهورُ، ومنه نَصَّتِ الظَّبْيَةُ رَأْسَها؛ أي: رَفَعَتْه وأَظْهَرَتْه، ومنه مِنَصَّةُ العروسِ.

وقالَ أبو الفَرجِ المَقْدِسِيُّ (٢): حَدُّ النَّصِّ في الشَّرعِ ما عُرِّيَ لفظُه عنِ الشَّرِكَةِ، ومَعناه عنِ الشَّكِّ (٣).

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّ الدَّلالةَ تَنقسمُ إلى: منطوقٍ، (وَإِلَى مَفْهُومٍ)، وتَقَدَّمَ الكلامُ على المنطوقِ، (وَ) أمَّا المفهومُ فـ (ـهُوَ) في الأصلِ لكلِّ ما فُهِمَ مِن نُطقٍ أو غيرِه؛ لأنَّه اسمُ مفعولٍ، فهو يُفهَمُ، لكنِ اصطلحوا على اختصاصِه بأنَّه: (مَا دَلَّ عَلَيْهِ) لفظٌ (لَا فِي مَحَلِّ نُطْقٍ) وهو المفهومُ المُجرَّدُ الَّذِي لا يَستندُ إلى النُّطقِ لكنْ فُهِمَ مِن غيرِ تصريحٍ بالتَّعبيرِ عنه، بل له استنادٌ إلى طريقٍ عقليٍّ، ولا خلافَ أنَّ دَلالةَ المفهومِ ليسَتْ وضعيَّةً إِنَّمَا هي إشاراتٌ ذهنيَّةٌ مِن بابِ التَّنبيهِ على شيءٍ بشيءٍ.

وهو نوعانِ: مفهومُ مُوافقةٍ، ومفهومُ مُخالفةٍ.


(١) «نفائس الأصول» (٥/ ٢١٨٥).
(٢) لعله أَبُو الفرج عبد الواحد بْن مُحَمَّد الشيرازي المعروف بالمقدسي. «طبقات الحنابلة» (٢/ ٢٤٨).
(٣) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٦/ ٢٨٧٤)، و «شرح الكوكب المنير» (٣/ ٤٧٩).

<<  <   >  >>