للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

يَجُوزُ (لِمُفْتٍ رَدُّهَا) أي: الفتيا، (وَ) مَحَلُّه إذا كانَ (فِي البَلَدِ غَيْرُهُ) مِن المُفتينَ (١) وهو (أَهْلٌ لَهَا شَرْعًا) على الصَّحيحِ؛ لأنَّها إذًا في حقِّه سُنَّةٌ، (وَإِلَّا) يَكُنْ في البلدِ غيرُه (لَزِمَه الجَوابُ) قطعًا؛ لأنَّه فرضُ كفايةٍ في حقِّه، (إِلَّا:

(١) عَمَّا) أي: حُكمٍ (لَمْ يَقَعْ) فلا يَلزَمُ جوابُه، وقد سُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن يأجوجَ ومأجوجَ أمسلمون هم؟ فقالَ للسَّائلِ: أَحكَمْتَ العِلْمَ حَتَّى تَسأَلَ عن ذا؟!

(٢) (وَ) لا يَلْزَمُ المفتيَ جوابُ (مَا لَا يَحْتَمِلُهُ السَّائِلُ)، وقد سُئِلَ أحمدُ عن مسألةٍ في اللِّعانِ، فقالَ: سَلْ رَحِمَك اللهُ عَمَّا (٢) ابتُليتَ به.

(٣) (وَ) لا يَلْزَمُه أن يُجِيبَ عن (مَا لَا يَنْفَعُهُ) أي: ينفعُ السَّائلَ، وقد سَأَلَ مُهَنَّا أحمدَ عن مسألةٍ، فغَضِبَ وقال: خُذْ -وَيْحَكَ- فيما تَنتفعُ به وإيَّاك وهذه المسائلَ المُحدَثَةَ، وخُذْ فيما (٣) فيه حديثٌ، وفي حديثِ اللِّعانِ: «وَكَرِهَ -صلى الله عليه وسلم- المَسَائِلَ وَعَابَهَا» (٤).

قالَ البَيْهَقِيُّ (٥): كُرِهَ السُّؤالُ عنِ المسألةِ قَبْلَ كَوْنِها إذا لم يَكُنْ فيها كتابٌ أو سُنَّةٌ؛ لأنَّ الاجتهادَ إِنَّمَا يُباحُ ضَرورةً.


(١) في «د»: المفتيين.
(٢) في «ع»: فيما.
(٣) في «د»: ما.
(٤) رواه البخاري (٤٧٤٥)، ومسلم (١٤٩٢) ضمن حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(٥) «المدخل إلى السنن» (ص ٢٢٣).

<<  <   >  >>