للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصَوَّبَه، وجِيءَ بفتوى للإمامِ أحمدَ فلم تَكُنْ عندَه، فقالَ: عليكم بحلْقَةِ المَدنِيِّينَ. ففي هذا دليلٌ على أنَّ المفتيَ إذا جاءَه المستفتي ولم تَكُنْ عندَه رخصةٌ أنَّه يَدُلُّه على مذهبِ مَن له فيه رخصةٌ، وهذه المسائلُ [مُتَعَلِّقَةٌ بالتَّخلُّصِ] (١) ممَّا يَقَعُ فيه الإنسانُ كالعامِّيِّ، فإنَّ في ذلك راحةً وخلاصًا ممَّا هو أعظمُ ممَّا وَقَعَ فيه.

وقالَ ابنُ الجوزيِّ: التَّقليدُ للأكابرِ أَفْسَدَ العقائدَ (٢).

ولا يَنبغي أنْ يُنَاظَرَ بأسماءِ الرِّجالِ وإنَّما يَنبغي أنْ يُتَّبَعَ الدَّليلُ، فإنَّ أحمدَ أَخَذَ في الجدِّ بقولِ زيدٍ وخالَفَ الصِّدِّيقَ.

وقال ابنُ عَقِيلٍ: مَن صَدَرَ اعتقادُه عن برهانٍ لم يَبْقَ عِندَه تَلوُّنٌ يُراعي به أحوالَ الرِّجالِ {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (٣)، وكانَ الصِّدِّيقُ مِمَّن ثبتَ معَ اختلافِ الأحوالِ، فلم تَنقلِبْ به الأحوالُ في كلِّ مقامٍ زلَّت به (٤) الأقدامُ.


(١) ليس في «د».
(٢) «تلبيس إبليس» (ص ٧٤).
(٣) آل عمران: ١٤٤.
(٤) ليس في «ع».

<<  <   >  >>