للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابنُ مُفْلِحٍ (١)، لكنْ إنْ كانَ التَّأبيدُ على بابِه، وأمَّا إذا كانَ على مسألةِ الإنشاءِ، فهو الصُّورةُ الرَّابعةُ المُتقدِّمةُ.

(وَيَجُوزُ نَسْخٌ بِلَا بَدَلٍ) عنِ المنسوخِ عندَ الجمهورِ، واستدلُّوا بما اعتُمِدَ عليه في إثباتِ النَّسخِ (وَوَقَعَ) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّه نُسِخَ فرضُ تقديمِ الصَّدقةِ أمامَ المناجاةِ، وتحريمُ ادِّخارِ لُحومِ الأَضَاحِيِّ.

قال الباقِلَّانِيُّ: كما يَجُوزُ أن يُرفَعَ التَّكاليفُ كلُّها يَجُوزُ أن يُرفَعُ بَعضُها بلا بدلٍ مِن بابٍ أَوْلَى (٢).

فإنْ قالوا: نَأْتِ بخيرٍ مِنها أو مِثْلِها.

رُدَّ: الخلافُ في الحُكمِ لا في اللَّفظِ، ثمَّ: لَيْسَ عامًّا في كلِّ حُكْمٍ، ثمَّ: مخصوصٌ بما سَبَقَ، ثمَّ: يَكُونُ نَسخُه بغيرِ بدلٍ خيرًا لمصلحةٍ عَلِمَها، ثمَّ: إِنَّمَا تَدُلُّ الآيةُ أنَّه لم يَقَعْ، لا أنَّه لا يَجُوزُ، وأيضًا: المصلحةُ قد تَكُونُ فيما نُسِخَ، ثمَّ تَصِيرُ المصلحةُ في عَدَمِه، وأمَّا مَن لا يَعتبِرُ المصالحَ فلا إشكالَ فيه، وبالجملةِ: فاللهُ يَفعَلُ ما يَشاءُ.

تنبيهٌ: قد تَقَرَّرَ أنَّ النَّسخَ جائزٌ وواقعٌ ببدلٍ وبغيرِ بدلٍ، فإذا كانَ ببدلٍ فالبدلُ إمَّا مُساوٍ أو أخفُّ، أو أثقلُ، والأوَّلانِ جائزانِ باتِّفاقٍ.

مثالُ المساوي: نسخُ استقبالِ بيتِ المقدسِ بالكعبةِ، ومثالُ الأخفِّ: وجوبُ مُصابَرَةِ العشرينَ مِن المسلمينَ مئتينِ مِن الكفَّارِ، والمئةِ ألفًا كما


(١) «أصول الفقه» (٣/ ١١٣٣).
(٢) ينظر: «الفوائد السنية في شرح الألفية» (٤/ ٣٧٤).

<<  <   >  >>