للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَضَابِطٌ) أي: القاعدةُ الكُلِّيَّةُ في (التَّرْجِيحِ: أَنَّهُ مَتَى اقْتَرَنَ بِأَحَدِ) دليلينِ (مُتَعَارِضَيْنِ أَمْرٌ نَقْلِيٌّ) كآيةٍ أو خبرٍ، (أَوِ) اقْتَرَنَ بأحدِهما أمرٌ (اصْطِلَاحِيٌّ) كعُرفٍ أو عادةٍ (عَامٌّ) ذلك الأمرُ (أَوْ خَاصٌّ، أَوْ) اقترنَ بأحَدِهما (قَرِينَةٌ عَقْلِيَّةٌ، أَوْ) قرينةٌ (لَفْظِيَّةٌ، أَوْ) قرينةٌ (حَالِيَّةٌ، وَأَفَادَ) ذلك (زِيَادَةَ ظَنٍّ؛ رُجِّحَ بِهِ) لأنَّ رُجحانَ الدَّليلِ هو الزِّيادةُ في قوَّتِه، وظنُّ إفادتِه المدلولَ، وذلك أمرٌ حقيقيٌّ لا يَختلِفُ في نَفْسِه، وإنِ اختلَفَتْ مَدارِكُه ومثاراتُ الظُّنونِ الَّتي بها الرُّجحانُ والتَّراجيحُ كثيرةٌ جدًّا.

(وَ) التَّرجيحُ بالظَّنِّ (تَفَاصِيلُهُ لَا تَنْحَصِرُ) لأنَّك إذا اعتَبَرْتَ التَّرجيحاتِ في الدَّلائلِ مِن جهةِ ما يَقَعُ في المركَّباتِ مِن نفسِ الدَّلائلِ ومُقدِّماتها وفي الحدودِ مِن جهةِ ما يَقَعُ في نفسِ الحدودِ مِن مُفرداتِها، ثمَّ رُكِّبَتْ بَعضُها معَ بعضٍ حَصَلَتْ أمورٌ لا تَكادُ تَنْحَصِرُ.

قالَ مُؤَلِّفُه: (وَهَذَا آخِرُ مَا يَسَّرَ اللهُ تَعَالَى بِاخْتِصَارِهِ مِنَ «التَّحْرِيرِ» معَ مَا ضُمَّ إِلَيْهِ وَهُوَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَلَمْ يَعْرَ بِحَمْدِ اللهِ مِنْ أَبْوَابِ الإِفَادَةِ بِتَعْرِيَتِهِ عَنِ الإِطَالَةِ بِتَقْصِيرِهِ، وَمَعَ اعْتِرَافِي بِالعَجْزِ، فَلَقَدِ انْفَرَدَ بِجَمْعِ مَا لَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ رَامَ تَقْلِيلَ كَثِيرِهِ، جَعَلَنِي اللهُ تَعَالَى وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ التَّغَاضِي -إِذْ مَا مِنْ أَحَدٍ غَيْرَ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ سَلِمَ- مِنْ صَالِحِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- واللهُ -سبحانه وتعالى- أَعلَمُ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصَلَّى اللهُ على سَيِّدِنا مُحمَّدٍ خاتَمِ النَّبيِّينَ وإمامِ المُرسَلينَ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ وأصحابِه، وعلى التَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وأَسأَلُ اللهَ تَعَالَى أنْ يُوَفِّقَ مَن قَرَأَ هذا الكتابَ، ومَن سَمِعَه، ومَن استفادَ منه، ومَن أفادَ، وإليه الرُّجعى والمعادُ.

<<  <   >  >>