للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ له: مثلي معكم كمثل رجل كان يخرج من وقت السَّحَر من داره يصلِّي في المسجد، وبيده عُكَّازٌ خوفًا من الكلاب التي للمحلَّة، فقال له بعضُ أصدقائه: أنتَ شيخٌ كبير، وهذا العكاز يثقلك، وأنا أُعَلِّمك شيئًا يغنيك عن حمله، قال: وما هو؟ قال: تقرأ سورة يس عند خروجك من الدَّار، وما يقربك كلب. وأقام مُدَّة، فرأى الشيخ في بعض اللَّيالي حاملَ العكاز، فقال له: ما قد علمتك ما يُغْنيك عن حمله؟! فقال: هذا العكاز لكلبٍ لا يعرف القرآن. وقد اتَّفق إخوتي عليَّ، وقد أنزلتُ الخوارزمي على خِلاط، إنْ قصدني الأشرفُ مَنَعَه، وإنْ قصدني الكامل فيَّ له.

وفيها قَدِمَ الأشرفُ [دمشق] (١)، وأطاع المُعَظَّم، وسأله أن يسأل الخوارزمي أن يرحل عن خِلاط، وقال: نحن مماليكك، وما أثبت الشَّعَرَ على رؤوسنا إلَّا أنتَ. فبعثَ المعظَّم، فرحل الخوارزمي عن خلاط، وكان قد أقام عليها أربعين يومًا، ونزل الثلج، وأقام الأشرف عند المعظم بدمشق، وكان المعظَّم يَلْبَس خِلْعة الخوارزمي، ويركب فرسه، وإذا جلسوا على تلك الحال يحلف المعظَّم برأس خوارزم شاه، وعند الأشرف من هذا المُقْعد المقيم، وهو ساكت.

[(٢) وفيها توجه خالي إلى مصر إلى الكامل، وهذه أول سفرة سافرها خالي إلى الشَّام ومصر].

وفيها تُوفِّي الجمال المِصري القاضي، وولَّى المعظَّمُ الخُوَيِّي، واسمه أَحْمد بن خليل بن سعادة، [وكنيته أبو العباس] (١)، استدعاه، وعَرَضَ عليه القضاء، فامتنع، وقال: أنا رجلٌ غريب، والدَّماشقة فيهم كَثْرة، فقال: لا بُدَّ. فولاه قضاء القضاة في ربيع الآخر، وخَلَعَ عليه.

قال المصنف : وفيها فَوَّض إليَّ المعظم التدريس بمدرسة شِبْل الدولة بقاسيون، وحضر أعيان دمشق، [ولم يتخلف منهم أحد] (١).

وحج بالنَّاس من العراق ابنُ أبي فراس، ومن الشَّام عليّ بن السَّلَّار.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ح): وتوجه محيي الدين بن الجوزي إلى مصر إلى الكامل … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).