للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبكى جرير بكاءً شديدًا، فقيل له: أتبكي على رجل يهجوك وتهجوه منذ أربعين سنة؟! فقال: إليكم عنّي، فواللهِ ما تسابَّ رجلان، ولا تناطح كبشان؛ فمات أحدهما؛ إلا تَبِعَه الآخر عن قريب. ثم قال:

لعمري لئن كانَ المُخَبِّرُ صادقًا … لقد عَظُمتْ بلوى تميمٍ وجَلَّتِ

فلا حملَتْ بعدَ الفرزدقِ حُرَّةٌ … ولا ذاتُ حمل في نِفاسٍ تعلَّتِ

هو الوافدُ المجبورُ والدافع الأذى (١) … إذا النَّعلُ يومًا بالعشيرة زَلَّتِ

[وفي رواية أن جريرًا قال:

مات الفرزدق بعد ما جدَّعْتُهُ (٢) … ليتَ الفرزدقَ كان عاشَ طويلا

فقيل له: بئس ما قلت! أتهجو ابنَ عمِّك بعد الموت، لو رثيته كان أولى بك. فقال: واللهِ إني لأعلم أن بقائي بعده قليل. فعاش أربعين يومًا (٣).

وقيل: إن جريرًا مات بعده بأربعة أشهر، وإنهما ماتا في سنة عشر ومئة، ويدلُّ عليه أنَّ الحسن صلى عليه إن ثبتت الرواية.

واختلفوا في مقدار عمره، فقال هشام:] عاش تسعين سنة. وقيل: قارب المئة، ومات بعلَّة الذُّبَيلة (٤).

وأسند [الفرزدق] عن عليٍّ، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخُدري، والحُسين بن عليّ، ، [وقد ذكرنا أنَّه لقيه في طريق العراق وهو متوجّه إليها].

وروى عن الفرزدق أولاده، وهم: لَبَطَة، وخَبَطَة، ورَكَضَة، وسبطة، والحنطبا.


(١) كذا في النسخ (ب) و (خ) و (ص). وفي "مختصر تاريخ دمشق " ٢٧/ ١٣٨ (والكلام من أصله "تاريخ دمشق"): هو الوافد المحبوّ والرافع الثَّأَى. وفي "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٤١٧، و"الأغاني" ٢١/ ٣٨٧ (والبيتان الأخيران فيه): هو الوافد المأمون والراتق الثَّأَى. وفي "ديوان" جرير ٢/ ٦٣٦: هو الوافد المحبوّ والحاملُ الثَّأَى. والثَّأَى: الجِراح.
(٢) في "الأغاني" ٢١/ ٣٨٧: جرَّعتُه.
(٣) ينظر: طبقات فحول الشعراء ٢/ ٤١٦، والأغاني ٨/ ٨٨ و ٢١/ ٣٨٧، والتذكرة الحمدونية ٤/ ٢٢٩.
(٤) ينظر الأغاني ٢/ ٣٨٧، والمنتظم ٧/ ١٥٢.