للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادى الآخرة ورد الأمير عُدَّةُ الدين أبو القاسم عبد الله بن ذخيرة الدين وجدته وعمته مع أبي الغنائم بن المحلبان وسِنُّه أربع سنين، واستقبله أبو الفتح المظفَّر بن الحسين عميد بغداد، ولّاه السلطان في هذه السنة، والتقاه أيضًا الخدم والحُجّاب والأعيان في الماء وعلى الظهر، وجلس الأمير في الزبزب وعلى رأسه أبو الغنائم بن المحلبان والخدم والخواصُّ، وصعد بباب الغربة، وقُدِّم له فرسٌ فأركبه ابنُ المحلبان، ودخل به إلى حضرة الخليفة، وكان الخليفة قد أعدَّ لابن المحلبان مالًا وخِلَعًا، فامتنع مِنْ أخْذِه، وقال: ما أُريد إلَّا أن أُسلِّم الأمير من يدي إلى يد أمير المؤمنين. فأذن له، فدخل عليه، وقبَّل الأرض ويدَه، وسلَّم الأميرَ إليه، فشكره القائم، وأثنى عليه، ورفع منزلته.

ذكر السبب في سلامة الأمير وما جرى لهم:

قال أبو الغنائم بن المحلبان: لمّا فُتحت دارُ الخليفة دخلتُ إلى داري بباب المراتب، فوجدتُ بها زوجةَ رئيس الرؤساء ابنِ المُسلمة وأولاده، والبساسيري (١) يطلبهم أشدَّ الطلب، فقلتُ: من أنتم؟ قالت: أنا زوجة الوزير، وقد تحيَّرنا وما ندري ما نصنع ولا أين نهرب؟ وكنا قد استشرنا صاحِبَنا -يعني ابن المُسلمة- فقلنا: إلى من نقصد؟ فقال: ما لكم غير أبي الغنائم بن المحلبان، فإن كان لكم خلاصٌ فما أرجوه إلا منه (٢) وعلى يده، فاقصدوه فإنه يتعصَّب لكم، ويتوصَّل إلى حفظكم. فقلتُ: طيبوا قلوبَكم، نفسي دون نفوسكم، وخلطتُهم بأهلي عند سكون الثائرة، وأنزلتُهم بدار الخليفة، فلمّا صُلِبَ الوزير أخرجتُهم إلى من أثِقُ به إلى ميّافارقين، وقلت: هؤلاء أهلي أخاف عليهم، وخرجوا في محمل، فاتَّفق خروجُ البساسيري يودعُّ قريشَ بن بدران ومحملَهم إلى جانب البساسيري، وسلَّمَ اللهُ، ومضَوا سالمين، ثم جاءني محمد الوكيل فقال: قد عرفتَ [أنَّ] (٣) ابنَ الذخيرة وبنتَ الخليفة وأمَّها يبيتون في المساجد


(١) في (خ): وأولاد البساسيري، والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في المنتظم.
(٢) في (خ): منكم، والمثبت من (ف).
(٣) ما بين حاصرتين من (ف).