للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَنْبَر، فمال إلى ابن أبي العريان، وكاتبه سرًّا، وبذل له الأموال، وأن يُولِّيه الجزيرة فمال إلى قوله، وأجابه إلى الفتك (١) بأبي البهلول، وأنه إذا بعث عسكرًا في البحر إلى الجزيرة وقَرُب منها وثب على أبي البهلول فقتله وقتل أصحابه، ثم قال لأهله وعشيرته: هذا الذي نحن فيه أمرٌ لا يتمُّ، وما لنا بالقرامطة قُدرة، ويجب أن نُدبِّر أمرنا معهم. فقالوا: افعَلْ ما تراه، فنحن تبَعُكَ وبدأ في نقض ما اتَّفقوا عليه، وعرف أبو البهلول ذلك، فانزعج، وجمع أهلَه وعشيرتَه، وأطلَعهم على الحال، وقال: ما لنا قدرةٌ بابن أبي العريان، هو أقوى وأكثر رجالًا ومالًا، فاطلبوا قتله غيلةً بوجه لطيف، وإلا يتقرَّب بنا إلى القرامطة. فرصدوه حتى نزل إلى عين تسمى عين ثَور يغتسل، فنزل إليه رجل فقتله. وقيل: بل قاتله أحدُ بني أعمامه، وجاء أصحابه فرأوه قتيلًا، فجاؤوا إلى أبي البهلول واتَّهموه بقتله، فحلف لهم أنه ما قتله، فصدَّقوه، وجاء ابن سَنْبَر وزيرُ القرامطة بالعسكر على ما كان استقرَّ بينه وبين ابن أبي العريان في مئة وثمانين شذاة (٢)، وجاء على فرسه فوقع، فانكسرَتْ ساقُه، فأقسم عليه أخوه أبو الوليد أن يرجع فأبى، ونزل على حاله في شذاة، وأمره بضرب الدبادب والبوقات ونشر الأعلام، واتفق لابن سَنْبَر من السوء أنه كان معه في الشَّذاة خمسُ مئة غلام وفرسٌ لعامر وربيعة؛ تصوُّرًا منه أنه يدخل البلد في غير حرب، ولم يشعر بقتل ابن أبي العريان، فلمَّا ضرب البوقات والطبول وسمعها الخيل ورأت المطارد (٣) نفرت، وغرق بعض الشذا، ووقعت الحرب في البحر، وهرب ابن سَنْبَر إلى الساحل، واستولى أبو البهلول على باقي (٤) الشَّذا، فأخذ منها نحو مئتي فرس وسلاحًا كثيرًا، واستأمن إليه مَنْ كان فيها من أهل السواد، وحلفوا أن ابن سَنْبَر أخذهم قهرًا، وظفر بأربعين رجلًا من القرامطة فقتلهم صبرًا، وعاد وقد برئت ذمَّتُه، وقوي أمرُه، وانتظم حالُه، واستوزر أخاه أبا الوليد، وكتب إلى بغداد بالفتح، وشرح الحال إلى أبي منصور بن يوسف.


(١) في (ف): الفتح.
(٢) الشذاة؛ واحدة الشذا: وهي ضربٌ من السفن. الصحاح (شذا).
(٣) المطارد؛ جمع مِطْرَد: وهو اللواء والراية. تكملة المعاجم لدوزي ٧/ ٣٧.
(٤) في (ف): باب.