للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحَ الغُرابُ فكما تحمَّلوا … مشى بها كأَنَّه مُقَيَّدُ

يَحْجُلُ في آثارهمْ بَعدَهُمْ … بادي السِّماتِ أَبْقَعٌ وأَسْوَدُ

لبِئْسَ ما اعْتاضَتْ وكان قَبْلَها … يَرْتَعُ فيها ظَبياتٌ خُرَّدُ

ليتَ المطايا للنَّوى ما خُلِقَتْ … ولا حَدا مِنَ الحُداةِ أَحَدُ

رُغاؤهم وحَدْوُهُمْ ما اجْتَمَعا … للصَّبِّ إلا ونَجَاه (١) الكَمَدُ

تقاسموا يومَ الوداعِ كَبِدِي … فليس لي منذ تولَّوْا كَبِدُ

عن (٢) الجفونِ رَحَلوا وفي الحشا … تقيَّلوا (٣) وماءَ عَيني وَرَدُوا

فأَدْمُعي مسفوحةٌ وكَبِدِي … مقروحةٌ وغُلَّتي ما تَبْرُدُ

وصَبْوتي دائمةٌ ومُقْلتي … داميةٌ ونَوْمُها مُشَرَّدُ

تَيَّمني منهمْ غزالٌ أَغْيَدُ … يا حبَّذا ذاكَ الغَزَالُ الأَغْيَدُ

حُسامُهُ مجرَّدٌ وصَرْحُهُ … مُمَرَّدٌ وخَدُّه مُوَرَّدُ

أيقنتُ لمَّا أَنْ حدا الحادي بهمْ … ولم أَمُتْ أَنَّ فؤادي جَلْمَدُ

كنتُ على القُرْبِ كئيبًا مُغْرمًا … صَبًّا فما ظنُّكَ بي إذْ بَعُدُوا

هُمُ الحياةُ أعرقوا أَمْ أشْأَموا … أم أَيمنوا أم أَتهموا أم أَنجدُوا

ليَهْنِهِمْ طِيبُ الكرى فإنَّه … حَظُّهُمُ وحَظُّ عَيني السَّهَدُ

نَعَم تولَّوا بالفؤادِ والكَرَى … فأين صَبْري بعدَهُمْ والجَلَدُ

لولا الضَّنى جَحَدْتُ وجَدي بهُمُ … لكنْ نُحولي بالغَرَامِ يَشْهَدُ

ليس على المُتْلِفِ غُرْمٌ عندهُمْ … ولا على القاتلِ عَمْدا قَوَدُ

وسائِل عن حُبِّ أَهْلِ البَيتِ هل … أقرُّ إعلانًا به أَمْ أَجْحَدُ

هيهاتَ ممزوجٌ بلحمي ودمي … حُبُّهُمُ وهْو الهُدى والرَّشَدُ


(١) نجاه: أي سارَّه وناجاه، وفي "الخريدة": شجاه.
(٢) في (ع) و (ح): على، وكذلك في "المنتظم"، والمثبت من "الخريدة".
(٣) في (ع) و (ح): تقلبوا، والمثبت من "المنتظم" و "الخريدة".