للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا البلد، وحَمَلَ إليه مالًا، فلم يقبله، وأظهر الزُّهْد والورع، ثم خَرَجَ من بِجاية، وقصد أغمات، وأظهر الزُّهْد، ودرَّس الفِقْه، واجتمع إليه أربعُ مئة رجلٍ من المصامدة، ثم ارتفع أمره، وبلغ خبره إلى [ابن] (١) يوسف بن تاشفين، وأنه يبيح دمه ودمَ أصحابه، فاستدعاه، وأحضر الفقهاءَ فناظروه، وأشاروا بحبسه، فلم يقبل يوسف، وأطلقه، وحاربه بعد ذلك، وكان يدعى بالخارجي (٢).

ذكر عقيدة ابنِ تُومَرْت:

ذكرَ في أوَّلها حديثَ ابن عمر عن النبي أنه قال: "بُني الإسلام على خمس" (٣) الحديث. وحديث معاذ لمَّا بعثه النبيُّ إلى اليمن، وأمره بإقامة الصَّلوات وإيتاء الزكاة، وقال: "اتَّقِ دعوةَ المَظْلوم" (٤) الحديث.

ثم قال: فثبتَ بهذا أَنَّ العبادةَ لا تَصحُّ إلا بالإيمان، والإخلاص، وذلك بالعِلْم والعمل، بالطَّلب والطلب، بالإرادة والإرادة، بالرَّغبة والرَّهْبة، والرَّغْبة والرَّهْبة، وبالوَعد والوعيد، بالشَّرْع والشَّرع، بصدق الرَّسول وصِدْق الرَّسول، بإظهار المعجزة بإذن الله تعالى.

ثم قال: وبضرورة العقل يُعرف وجودُ الباري، والضَّرورةُ ما لا يتطرَّق إليه الشَّك، ولا يمكن العاقل جحده، وهذه الضّرورة على ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، ومستحيل.

فالواجب: لا بُدَّ من كونه؛ كافتقارِ الفِعل إلى الفاعل.

والجائز: ما يمكن أن يكون وأن لا يكون؛ كنزول المطر، ونحوه.


(١) ما بين حاصرتين من "ذيل تاريخ دمشق"، وهو علي بن يوسف بن تاشفين، وقد توفي سنة (٥٣٧ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ١٢٤ - ١٢٥.
(٢) انظر "ذيل تاريخ دمشق": ٤٥٣ - ٤٥٦.
(٣) حديث صحيح، أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو في "المسند" (٦٠١٥).
(٤) حديث صحيح، أخرجه البخاري (٢٤٤٨)، ومسلم (١٩)، وهو في "المسند" (٢٠٧١).