للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعل، ثم إن المتحيل المخادع المكار أخذ صورة ما أفتوا به فتوسل به إلى ما منعوا منه وركب ذلك على أقوالهم وفتواهم وهذا فيه الكذب عليهم وعلى الشارع» (١).

وضابط هذا النوع من الحيل المحرمة: هو «ما هدم أصلا شرعيًا وناقض مصلحة شرعية، فإن فرضنا أن الحيلة لا تهدم أصلًا شرعيًا، ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها؛ فغير داخلة في النهي ولا هي باطلة» (٢)، وبهذا الضابط يظهر لنا أن «الحيلة المحرمة الباطلة، هي التي تتضمن تحليل ما حرمه الله، أو تحريم ما أحله الله، أو إسقاط ما أوجبه الله، وأما حيلة تتضمن الخلاص من الآصار والأغلال، والتخلص من لعنة الكبير المتعال، فأهلا بها من حيلة وبأمثالها» (٣).

وهذا النوع هو المراد بالبحث هنا، وقد اتفق الفقهاء على منعها وتحريمها، لأنها مخادعة لله ﷿ فإنها تقتضي رفع التحريم مع قيام موجبه، فيصير المحرم حلالاً في الظاهر، أو تقضي بإسقاط الواجب مع قيام سبب، فيصير غير واجب في الظاهر.

وقد بسط ابن القيم الأدلة على تحريم الحيل في كتابه إعلام الموقعين، ورد على الأدلة التي استدل بها من أباح الحيل، والذي يهمنا هنا بيان موقف الفقهاء من الحيل (٤).

ثانياً: حكم الحيل الربوية:

الحيل الربوبية هي من الحيل المحرّمة، وهي التي -كما مرّ- يقصد بها الوصول إلى المحرّم بطريق ظاهره الإباحة والحلُّ.


(١) ينظر: إعلام الموقعين (٤/ ٥٣٦).
(٢) ينظر: الموافقات (٢/ ٦٦٢).
(٣) ينظر: إعلام الموقعين (٤/ ٥٣٦).
(٤) ينظر: المصدر السابق (٥/ ٣٠١).

<<  <   >  >>