للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: الفرق بين الحيل الربوية والمخارج الشرعية:

ما تقدم آنفاً هو متجه إلى الحيل الربوية المحرّمة والتي سبق بيان المقصود بها، ولا يعني هذا ذم هذا الباب وإغلاقه مطلقاً، فالحيل بشكل عام تجري فيها الأحكام الخمسة، وهي: «التحريم، والكراهة، والإباحة، والندب، والوجوب».

يقول الحافظ ابن حجر : «وهي عند العلماء على أقسام بحسب الحامل عليها، فإن توصل بها بطريق مباح إلى إبطال حق أو إثبات باطل فهي حرام، أو إلى إثبات حق أو دفع باطل فهي واجبة أو مستحبة، وإن توصل بها بطريق مباح إلى سلامة من وقوع في مكروه فهي مستحبة أو مباحة، أو إلى ترك مندوب فهي مكروهة. ووقع الخلاف بين الأئمة في القسم الأول: هل يصح مطلقا وينفذ ظاهرا وباطنا، أو يبطل مطلقا، أو يصح مع الإثم؟» (١).

وعليه فمن أطلق تحريم الحيل من أهل العلم فهو يقصد الحيل المحرّمة، ومن قال بجواز الحيل فهو يقصد الحيل المشروعة، وهي ما يعرف عند الفقهاء بالمخارج الشرعية.

يقول الشاطبي : «وكذلك القول في الحيل عند من قال بها مطلقا، فإنما قال بها بناء على أن للشارع قصدا في استجلاب المصالح ودرء المفاسد، بل الشريعة لهذا وضعت، فإذا صحح مثلا نكاح المحلل؛ فإنما صححه على فرض أنه غلب على ظنه من قصد الشارع الإذن في استجلاب مصلحة الزوجين فيه، وكذلك سائر المسائل بدليل صحته في النطق بكلمة الكفر خوف القتل أو التعذيب، وفي سائر المصالح العامة والخاصة؛ إذ لا يمكن إقامة دليل في الشريعة على إبطال كل


(١) فتح الباري (١٢/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>