للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٨ - والنَّفْيُ للوُجُودِ ثُمَّ الصِّحهْ … ثُمّ الكَمَالِ فارْعَيَنَّ الرُتْبَهْ

النفي الداخل على المسميات الشرعية له ثلاث مراتب:

يكون للوجود، إن لم تمكن هذه المرتبة فإنه للصحة، ثم بعد ذلك للكمال، إن وجد الصارف.

فالمرتبة الأولى للوجود إذا لم تمكن هذه المرتبة فالنفي للصحة هذا هو الأصل إلا إذا وجد دليل يصرف هذا النفي إلى الكمال وأنه ليس نفيًا للصحة، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (من قال إن النفي للكمال، فإن أراد الكمال الواجب الذي يُذم صاحبه فقد صدق، وإن أراد الكمال المستحب فلم يقع في كلام الله ولا كلام رسوله ذلك ولا يجوز أن يقع). فإذا قلت: لا خالق إلا الله فالنفي هنا للوجود، يعني ليس هناك خالق موجود غير الله ﷿ وإذا قلت: لا صلاة إلا بوضوء، الصلاة الآن موجودة فنقول: النفي هنا للصحة هذا الأصل إلا إذا وجد صارف ولم يوجد صارف.

وقوله : «لا نكاح إلا بولي» (١) النفي هنا للصحة، وأن النكاح لا يصح إلا بولي إلا إذا وجد صارف ولم يوجد الصارفُ.

وقوله في حديث عائشة في صحيح مسلم: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان» (٢) فالنفي هنا ليس للصحة، وإنما هو للكمال لوجود الصارف، وهو أن هذه الصلاة اكتملت شروطها وواجباتها، وأركانها، لكن لما وجد شيء يشوّش على الإنسان فالنفي هنا للكمال، فالكمال أن يمتنع الإنسان عن كل ما يشوش عليه صلاته،


(١) أخرجه أبو داود رقم (٢٠٨٥) والترمذي رقم (١١٠١) وابن ماجه رقم (١٨٨١)، وصححه علي بن المديني وابن معين وابن حبان والحاكم وابن حزم والبيهقي وابن عدي وابن الجوزي.
(٢) تقدم تخريجه ص (١٤٤).

<<  <   >  >>