للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم (١) عثمان بن عفان قد قرأه في ركعة كما سنذكره، وعلي بن أبي طالب (٢)، يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقد قدمنا هذا.

ومنهم (٣) عبد الله بن مسعود وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت وفيم أنزلت، ولو علمت أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه.

ومنهم سالم مولى (٤) أبي حذيفة، كان من السادات النجباء، والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدًا.

ومنه الحبر البحر (٤) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم الرسول وترجمان القرآن، قد تقدم عن مجاهد أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس مرتين أقفه عند كل آية وأسأله عنها.

ومنهم عبد الله بن عمرو (٥)، كما رواه النسائي وابن ماجه من حديث ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة فبلغ ذلك رسول الله فقال: "أقرأه في شهر" وذكر تمام الحديث.

ثم قال البخاري (٦): حدثنا صدقة بن الفضل، أنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا، وأُبي أقرؤنا، وإنا لندع من لحن أُبي. وأُبي يقول: أخذته من فِي رسول الله فلا أتركه لشيء؛ قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦].

وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابًا وهو خطأ في نفس الأمر، ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويرد إلا قول صاحب هذا القبر؛ أي: فكله مقبول صلوات الله وسلامه عليه.

ثم ذكر البخاري فضل فاتحة الكتاب وغيرها، وذكرنا في تفسيرها فضل كل سورة عندها ليكون ذلك أنسب.

ثم قال:

[نزول السكينة والملائكة عند القراءة]

وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم، عن أسيد بن الحضير قال: بينا هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبًا منها فأشفق أن


(١) ويأتي تخريجه.
(٢) ولم يصح عنه كما تقدم ذكره.
(٣) وهو صحيح عنهم كما تقدم.
(٤) وهو صحيح كما تقدم.
(٥) أخرجه النسائي في "فضائل القرآن" (٨٩)؛ وابن ماجه (١٣٤٦)؛ وأحمد (٦/ ٦٥)؛ وعبد الرزاق (٥٩٥٦)؛ وابن حبان (٧٥٦، ٧٥٧)؛ والفريابي في "فضائل القرآن" (١٢٧)؛ وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٨٥) من طريق ابن جريج، سمعت ابن أبي مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن ابن عمرو فذكره.
وهذا سند متصل رجاله ثقات إلا يحيى بن حكيم بن صفوان فلم يوثقه إلا ابن حبان ولم يرو عنه إلا ابن أبي مليكة. ولكنه متابع.
(٦) في "فضائل القرآن" (٩/ ٤٧). وأخرجه البخاري في "التفسير" (٨/ ١٦٧).