للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(تبعه) (١)، لا يَعْوَجُّ فيقوَّمُ، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلَقُ عن كثرة الرَّدِّ، فاتْلُوهُ، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا (أقول) (٢): ألم (حرف) (٣)، ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر".

وهذا غريب (٤) من هذا الوجه، ورواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرًا، وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس (بقوي) (٥). وقال أبو الفتح الأزدي: رفَّاعٌ كثيرُ الوَهَم.

(قلت): فيُحتملُ -والله أعلم- أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم.

وقال أبو عبيد (٦) أيضًا: حدثنا حجَّاجٌ، عن إسرائيلَ، عن أَبي إسحَاقَ، عن عبدِ الله بنِ يزيدَ، عن عبدِ الله بنِ مسعُودٍ قال: لا يَسْأَلُ عَبْدٌ عن نَفْسِهِ إلا القُرْآنَ، فإِنْ كَانَ يحبُّ القرآنَ فإنَّه يحبُّ اللهَ ورسولَهُ.

الحديث الرَّابعُ

قال البخاريُّ (٧): حدَّثنا عمرو بنُ محمدٍ، حدّثنا يعقوبُ بنُ إبرَاهِيمَ، ثنا أَبي عن صَالح بنِ كَيْسَانَ، عن ابنِ شهابٍ قال: أخبرني أنسُ بنُ مالكٍ أنَّ الله تابَعَ الوَحْى على رسولِهِ قبل وَفَاتِهِ حتَّى توفَّاهُ أكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ، ثم تُوُفِّي رسولُ الله بَعْدُ.

وهكذا رواه مسلمٌ، عن عمرو بن محمدٍ هَذَا -وهو النَّاقدُ- وحسنٍ الحُلْوَانِيِّ وعبدِ بن حُميدٍ. والنَّسائيُّ، عن إسحاقَ بنِ مَنْصُورٍ الكَوْسَجِ، أربعتُهُم عن يعقوبَ بنِ إبراهِيمَ بنِ سعدِ الزُّهْرِيّ به.

ومعناهُ: أنَّ الله -تعالى- تَابَع نُزُولَ الوَحْي على رسوله شَيْئًا بعد شيءٍ كلُّ وقتٍ بما يَحتاجُ إليهِ، ولم تقع فترةٌ بعد الفَتْرَة الأولى التي كانت بعد نُزُولِ الملَكِ أولَ مَرَّةٍ بقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ (١)[العلق: ١] فإنه استلْبَثَ الوحيُ بعدها حِيْنًا، يقال: قَرِيْبًا من سنتين وأكثرَ، ثم حَمِيَ الوحيُ وتتابع، وكان أولُ شيءٍ نَزَلَ بعد تلك الفترة: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)[المدثر].


(١) في (ج): "اتبعه".
(٢) في (ل): "أقول لكم".
(٣) من هامش (أ). وليس هذا الحرف في (ج) و (ط) و (ل)؛ ولعله: "عشر".
(٤) وقال ابن الجوزي: "لا يصح".
أما الحاكم فقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بصالح بن عمر". ورده الذهبي بضعف الهجري.
(٥) في (أ): "بالقوي". وفي "الجرح والتعديل" (١/ ١/ ١٣٢): "ليس بقوي، لين الحديث".
(٦) في "فضائل القرآن" (ص ٢١، ٢٢).
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (ج ٩/ رقم ٨٦٥٧) من طريق شعبة عن أبي إسحاق بسنده سواء بلفظ: "من أحب أن يعلم أنه يحب الله ورسوله فلينظر، فإن كان يحب القرآن، فهو يحب الله ورسوله ".
قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٦٥): "رجاله ثقات".
* قلت: وسنده صحيح.
(٧) في "الفضائل" (٩/ ٣ - فتح).
وأخرجه مسلم (٣٠١٦/ ٢)؛ والنسائي في "فضائل القرآن" (٨)؛ وأحمد (٣/ ٢٣٦) من طريق يعقوب بن إبراهيم بسنده سواء.