للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحديث الخامس]

حدثنا (١) أبو نعيم، حدَّثَنا سفيان، عن الأسود بن قيس قال: سمعت جُنْدَبًا يقول: اشتكى (النبي) (٢) فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأةٌ فقالت: يا محمَّدُ ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)[الضحى].

وقد رواهُ البُخَاريُّ في "غيْرِ موضع" (٣) -أيضًا- ومسلمٌ والتِّرمذيُّ والنَّسَائِيُّ من طرقٍ أُخَرَ عن سفيانَ وهو الثَّوريُّ وشعبةَ بْنِ الحجَّاجِ، كلاهُمَا عن الأسودِ بنِ قَيْسٍ العَبْديِّ، عن جُنْدَب بنِ عبدِ الله البجليِّ به. (وسيأتي) (٤) الكلامُ على هَذَا الحديثِ في تفسير سورة الضحىَ (إنْ شاء اللهُ) (٥).

والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعًا عليه ولم يقطعه عنه، ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقًا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.

قال البخاري (٦): نزل القرآن بلسان قريش والعرب ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢]، ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)[الشعراء].

حدثنا أبو اليمان، حَدَّثنا شعيب، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمانُ بْنُ عفان زيدَ بْنَ ثابتٍ وسعيدَ بْنَ العاص وعبدَ الله بْنَ الزُّبير وعبْدَ الله بْنَ الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا.

هذا الحديث قطعةٌ (٧) من حديث سيأتي قريبًا الكلام عليه، ومقصودُ البُخاريِّ منه ظاهرٌ، وهو أنَّ القرآنَ نَزَلَ بلُغَةِ قريشٍ، وقريشٌ خلاصةُ العرب.

ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود (٨): حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، ثنا يزيد، ثنا شيبان


(١) قائل هذا هو البخاري في "الفضائل" (٩/ ٣ - فتح).
(٢) في (أ): "رسول الله".
(٣) من "صحيحه" في "التهجد" (٣/ ٨) وفي "التفسير" (٨/ ١٧٠، ١٧١).
وأخرجه مسلم (١٧٩٧/ ١١٤، ١١٥)، من حديث عن جندب بن عبد الله فذكره.
(٤) في (أ): "وقد تقدم" وهذا بناءً على ما قدمناه أن "الفضائل" كانت في آخر التفسير ثم قدمها الحافظ المصنف .
(٥) من (ج) و (ط) و (ل).
(٦) في "الصحيح" هنا كلمة "باب"، وجرى المصنف على إغفالها.
(٧) يأتي تخريجه في "جمع القرآن" إن شاء الله تعالى.
(٨) في "المصاحف" (ص ١١) وإسناده صحيح كما قال المصنف .
وأخرجه ابن أبي داود أيضًا قال: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن عبد الله بن المغفل، عن عمر بن الخطاب مثله.
وسنده صحيح أيضًا.