للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المقدمة

قَالَ (١) الشَّيخُ، الإِمَامُ، العالِمُ، العلَّامَةُ، الأوْحَدُ، البارعُ، الحافظُ، المُتْقِنُ، المجتهدُ، القُدْوةُ، علَّامةُ العُلمَاءِ، وَارِثُ الأَنْبِيَاءِ، بَرَكَةُ الإسلامِ، وَحُجَّةُ الأعْلَام، محيي السُّنَّةِ، ومَنْ عَظُمَتْ بِهِ لله علينا المِنَّةُ، عِمَادُ الدِّينِ (أَبُو الفِدَاءِ) (٢) إسمَاعيلُ بْنُ الخَطِيب أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ البَصْرَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ، نَفَعَ اللهُ بِهِ، وحَفِظَهُ بِعَيْنِهِ، وأَمَدَّهُ بِقُوَّتِهِ، وَأَدْخَلَهُ الجَنَّة بِمَنّهِ وَكَرَمِهِ:

الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد، فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)[الفاتحة] وقال (تعالى) (٣): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥)[الكهف].

وافتتح خَلْقه بالحمد، فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)[الأنعام].

واختتمه بالحمد، فقال -بعد ما ذكر مآلَ أهلِ الجنة وأهل النار-: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)[الزمر]. ولهذا قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠)[القصص].

كما قال (تعالى) (٤): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١)[سبأ].

فله الْحَمْدُ في الأولى والآخرة؛ أي: في جميع ما خلق وما هو خالقٌ، وهو المحمودُ في ذلك كلِّه، كما يقولُ المُصَلِّي: "اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمدُ، ملءَ السَّمواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بَعْدُ" (٥).

ولهذا يُلْهَمُ أهلُ الجنَّة تسبيحَهُ وتحمِيْدَهُ، كما يُلهَمُونَ النَّفَسَ؛ أي: يسبِّحونه ويحمدونه عددَ


(١) هذه الألقاب لم تنتظم كلها في نسخة واحدة، وقد لفقتها من (ج) و (ك) و (ل) و (ى).
(٢) وقع في (ج) و (ل): "أبو الفضل" وفي (ى): "أبو الوفاء"!
(٣) من (ك) و (ن) و (ى).
(٤) من (ن).
(٥) هذا جزء من حديث طويل: أخرجه مسلم (٧٧١/ ٢٠١، ٢٠٢)، من حديث علي بن أبي طالب وقد ورد عن ثمانية من الصحابة، استوفيت أحاديثهم تخريجًا في "تسلية الكظيم" فللَّه الحمد.