للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحيى بن حمزة، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي مليح، عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله : "أعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش والمفصل نافلة" (١).

(الحديث العاشر): قد تقدم في فضائل الفاتحة من رواية عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بينا رسول الله وعنده جبريل إذ سمع نقيضًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء، فقال: هذا باب قد فتح من السماء، ما فتح قط. قال: فنزل منه ملك فأتى النبي ، فقال له: أبشر بنورين قد أُوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ حرفًا منهما إلا أُوتيته، رواه مسلم والنسائي وهذا لفظه (٢).

فقوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ إخبار عن النبي بذلك، قال ابن جرير: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن رسول الله ، قال لما نزلت عليه هذه الآية: "ويحق له أن يؤمن" (٣). وقد روى الحاكم في مستدركه: حدثنا أبو النضر الفقيه، حدثنا معاذ بن نجدة القرشي، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا أبو عقيل عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت هذه الآية على النبي ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ قال النبي : "حق له أن يؤمن"، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٤).

وقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ عطف على الرسول، ثم أخبر عن الجميع، فقال: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره، ولا ربَّ سواه. ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بارّون راشدون مهديون هادون إلى سبيل الخير، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله حتى نسخ الجميع بشرع محمد ، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي تقوم الساعة على شريعته، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين، وقوله: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ أي: سمعنا قولك يا ربنا وفهمناه، وقمنا به وامتثلنا العمل بمقتضاه، ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ سؤال للمغفرة والرحمة واللطف.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى قوله: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ قال: قد غفرت لكم (٥).

﴿وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع والمآب يوم الحساب.

قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن بيان، عن حكيم بن جابر، قال: لما


(١) في سنده عبيد الله بن أبي حميد: متروك، كما في التقريب.
(٢) صحيح مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الفاتحة (ح ٨٠٦).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وهو مرسل ضعيف.
(٤) المستدرك ٢/ ٢٨٧، وتعقبه الذهبي بأن سنده منقطع.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.