للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلب أفضل مطلقا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذ لو دل هذا لكان ذكر حال رسول الله وتلاوته عن ظهر قلب -لأنه أمي لا يدري الكتابة- أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.

الثاني: أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد هاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه (٢٩١)، والله أعلم.

[استذكار القرآن وتعاهده]

حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت" هكذا رواه مسلم والنسائي من حديث مالك به (٢٩٢). وقال الإمام أحمد (٢٩٣): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه : "مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار، كمثل رجل له إبل، فإن عقلها حفظها، وإن أطلق عقالها ذهبت، فكذلك صاحب القرآن". أخرجاه، قاله ابن الجوزي في جامع المسانيد، وإنما هو من أفراد مسلم من حديث عبد الرزاق به (٢٩٤).

وحدثنا محمد بن عرعرة، حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال النبي : "بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية. كيت وكيت، بل نُسِّيَ، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصِّيًا من صدور الرجال من النعم" (٢٩٥).

تابعه بشر. هو ابن محمد السختياني- عن ابن المبارك، عن شعبة.


(٢٩١) - قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٩/ ٧٨) بعد أن ذكر كلام الحافظ ابن كثير هنا: (ولا يرد على البخاري شيء مما ذكر؛ لأن المراد بقوله: باب القراءة عن ظهر قلب، مشروعيتها أو استحبابها، والحديث مطابق لما ترجم به، ولم يتعرض لكونها أفضل من القراءة نظرًا، وقد صرح كثير من العلماء أن القراءة من المصحف نظرًا أفضل من القراءة عن ظهر قلب".
(٢٩٢) - البخاري في فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده برقم (٥٠٣١)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها برقم ٢٢٦ - (٧٨٩)، والنسائي في الافتتاح باب: جامع ما جاء في القرآن ٩٤٢ - (٢/ ١٥٤).
(٢٩٣) - المسند (٢/ ٣٥)، وعبد الرزاق (٣/ ٥٩٧١).
(٢٩٤) - مسلم في صلاة المسافرين وقصرها برقم ٢٢٧ - (٧٨٩).
(٢٩٥) - البخاري في فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده برقم (٥٠٣١)، برقم (٥٠٣٢).