للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة الممتحنة وهي مدنية]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيكُمْ أَيدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَينَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)

كان سبب نزول صدر هذه السورة [١] الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أن حاطبًا هذا كان رجلًا من المهاجرين، وكان من أهل بدر أيضًا، وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم، بل كان حليفًا لعثمان. فلما عزم رسول الله على فتح مكة لما نقض أهلها العهد، فأمر النبي المسلمين [بالتجهز لعدوهم] [٢]، وقال: "اللَّهم عَمِّ عليهم خبرنا" (١). فعمد حاطب هذا فكتب كتابًا، وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة، يعلمهم بما عزم عليه رسول الله ليتخذ بذلك عندهم يدًا، فأطلع الله رسوله على ذلك، استجابة لدعائه. فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها، وهذا بين في الحديث المتفق على صحته؛ قال الإِمام أحمد (٢):


(١) - أخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٣/ ٤٣٥) رقم (١٠٥٢) في قصة طويلة من حديث ميمونة، وفي الصغير (٢/ ٧٣ - ٧٥). وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٦٧): رواه الطبراني في الصغير والكبير، وفيه يحيى بن سليمان بن نضلة وهو ضعيف. والقصة أوردها ابن هشام في السيرة من طريق ابن إسحاق في ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى مكة (٤/ ٨٥٢ وما بعدها).
(٢) - أخرجه أحمد (١/ ٧٩ - ٨٠) (٦٠٠).