للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة المزمل وقوله مكية]

قال الحافظ أبو بكر بن عمرو بن عبد الخالق البزار (١): حدثنا محمد بن موسى القطان الواسطي، حدثنا معلى بن عبد الرحمن، حدثنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل اسمًا يصدر الناس عنه. فقالوا: كاهن. قالوا: ليس بكاهن. قالوا: مجنون. قالوا: ليس بمجنون. قالوا: ساحر. قالوا: ليس بساحر. فتفرق المشركون على ذلك، فبلغ ذلك النبي فتزمل في ثيابه وتدثر فيها. فأتاه جبريل فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾.

ثم قال البزار: معلى بن عبد الرحمن: قد حدَّث عنه جماعة من أهل العلم، واحتملوا حديث، لكنه تفرد بأحاديث لا يتابع عليها.

﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَويلًا (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩)

أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وعلم أن يترك التزمل، وهو: التغطي في الليل، وينهض إلى القيام لربه ﷿ -كما قال تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ وكذلك [١] كان رسول الله ممتثلًا ما أمره الله تعالى به من قيام الليل، وقد كان واجبًا عليه وحده، كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ وهاهنا بين له مقدار ما يقوم، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلً﴾.


(١) أخرجه البزار (٢/ ١١٣ - ١١٤ مختصر) (١٥٢١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٣٣): رواه البزار والطبراني في الأوسط. وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي وهو كذاب. ا هـ.