للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد، ولا يبغي أحد على أحد" (٤٢)] [١]-، وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل فهذا لا بأس به، فقد ثبت أن رجلًا، قال: يا رسول الله، إني أحب أن يكون ردائي حسنًا ونعلي [حسنة] [٢] أفمن الكبر ذلك؟ فقال: "لا، إن الله جميل يحب الجمال".

وقوله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾، أي: يوم القيامة ﴿فَلَهُ خَيرٌ مِنْهَا﴾، أي: ثواب الله خير من حَسَنَة العبد، فكيف والله يضاعفه أضعافًا كثيرة! فهذا مقام الفضل.

ثم قال: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)﴾ وهذا مقام الفصل العدل.

﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨٥) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيكَ الْكِتَابُ إلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (٨٦) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إلا هُوَ كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)

يقول تعالى آمرًا رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- ببلاغ الرسالة وتلاوة القرآن علي الناس، ومخبرًا له بأنه سيرده إلى معاد وهو يوم القيامة، فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة، ولهذا قال: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ أي: افترض عليك أداءه إلي الناس ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، أي: إلي يوم القيامة فيسألك عن ذلك، كما قال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)﴾ وقال: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾، وقال: ﴿وجيء بالنبيين والشهداء﴾.

وقال السدي: عن أبي صالح، عن ابن عباس: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ يقول: لرادَّك إلي الجنة، ثم سائلك عن القرآن. قال السدي: وقال أبو سعيد مثلها.


(٤٢) صحيح مسلم برقم (٢٨٦٥) من حديث عياض بن حمار .