للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال موسى بن عقبة عن الزهري: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة، وكذا قال عروة.

وقال السدي: بستة عشر شهرًا.

والحق: أنه أسري به يقظة لا منامًا، من مكة إلي بيت المقدس، راكبًا البراق، فلما انتهى إلي [بيت المقدس] [١] باب المسجد ربط الدابة عند الباب ودخله [٢]، فصلي في قبلته تحية المسجد ركعتين، ثم أتى المعراج -وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها- فصعد فيه إلي السماء الدنيا ثم إلي بقية السموات السبع، فتلقاه من كل سماء مقربوها، وسلم عليه الأنبياء الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مر بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منزلتهما وعليهما [٣] وعلي سائر الأنبياء حتى انتهى إلي مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، أي: أقلام القدر بما هو كائن، ورأى سدرة المنتهي، وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة، وغشيتها الملائكة، ورأى هنالك جبريل علي صورته، له ستمائة جناح، ورأى رفرفًا أخضر قد سد الأفق، ورأى البيت المعمور [٤]، و [٥] إبراهيم الخليل- بانى [٦] الكعبة الأرضية- مسندًا [٧] ظهره إليه، لأنه الكعبة السماوية يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إليه إلي ويوم القيامة، ورأى الجنة والنار، وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خففها إلي خمس [٨] رحمة منه ولطفًا بعباده، وفي هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها، ثم هبط إلي بيت [٩] المقدس، وهبط معه الأنبياء، فصلي بهم فيه لما حانت الصلاة، وبحتمل أنها الصبح من يومئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء، والذي تظاهرت به الروايات أنه بيت المقدس، ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله إليه، والظاهر أنه بعد رجوعه إليه، لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحدًا واحدًا، وهو يخبره بهم، وهذا هو اللائق، لأنه كان أولًا مطلوبًا [١٠] إلي الجناب العلوي، ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى، ثم لما فرغ من الذي أريد به، اجتمع به [١١] هو وإخوانه من النبيين، ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل له في ذلك، ثم خرج من البيت [١٢]


[١]- سقط من: ت.
[٢]- في خ: "ودخل".
[٣]- زيادة من: ت.
[٤]- في خ: "المعمور الذي".
[٥]- في ز: "الذي".
[٦]- في خ: "باذي".
[٧]- في ز: "مسند".
[٨]- في خ: "خمسة".
[٩]- في ز: "البيت".
[١٠]- في ز، خ: "مطلوب".
[١١]- سقط من: ت.
[١٢]- في خ: "بيت".