للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَحْظُورَات، ممَّا - لله جَلَّ اسْمُهُ - في تَرْكِها رِضًا وللشَّيَاطِين في اسْتِعْمالها رِضًا، مِثْل: تَرْكِ الصَّلاة والصَّوْم وإبَاحَات الدِّمَاءِ ونِكَاح ذَوَاتِ المَحْرَم، وغير ذلك من الأفْعَالِ الشَّرِّيَّة (١). وهذا الشَّأنُ ببِلادِ مِصْر ومَا وَالاهَا ظَاهِرٌ والكُتُبُ فِيهِ مُؤَلَّفَةٌ كَثيرةٌ مَوْجُودَة. وبَابِلُ السَّحَرة بأرْضِ مِصْر، قال لي من رَآها: وبها بَقَايَا سَاحِرِينَ وسَاحِرَات. وزَعَمَ الجَمِيعُ من المُعَزِّمِين والسَّحَرَة، أنَّ لهم خَوَاتِيمَ وعَزَائم ورُقًى ومَنَادِلَ وجرَابًا ودَخْنًا وغير ذلك، ممَّا يَسْتَعْمِلُونَه في عُلُومِهِم.

حِكَايَةٌ أخْرَى

زَعَمَ طَائِفَةٌ من الفَلاسِفَة وعَبَدَةِ النُّجُوم، أنَّهم يَعْمَلُون الطِّلَّسْمَات على أرْصَادِ الكَوَاكِب لجَمِيعِ ما يُرِيدُونَه من الأفْعَالِ البَدِيعَة والتَّهَيُّجات والعُطُوفِ والتَّسْلِيطَات، ولهم نُقُوشٌ على الحِجَارَة والخَرَز والفُصُوص، وهذا عِلْمٌ فَاشٍ ظَاهِرٌ في الفَلاسِفَة، وللهِنْدِ اعْتِقَادٌ في ذلك وأفْعَالٌ عَجِيبَةٌ، وللصِّين حِيَلٌ وسِحْرٌ من طَرِيقَةٍ أخْرَى.

وللهِنْدِ خاصَّةً، عِلْمُ التَّوَهُّم، ولها في ذلك كُتُبٌ قد نُقِلَ بَعْضُها إلى العَرَبِي، وللتُّرْكِ عِلْمٌ من السِّحْر. قال لي من أَثِقُ بِفَضْلِه: إنَّهم يَعْمَلُونَ عَجَائِبَ، من هَزَائِمِ الجُيُوش وقَتْل الأعْدَاء وعُبُور المِيَاه، وقَطْع المَسَافَات البَعِيدَة في المُدَّة القَرِيبَة.

والطِّلَّسْمَاتُ بأرْضِ مصر والشَّام كَثِيرَةٌ ظَاهِرَةُ الإشْخَاص، غير أنَّ أَفْعَالَها قد بَطَلَت لتَقَادُم العَهْد (٢).

الكَلَامُ على الطَّرِيقَة المَحْمُودَة في العَزَائِم

يُقَالُ، والله أعْلَمُ وأحْكَمُ، إنَّ سُلَيْمَانَ بن دَاوُد أوَّلُ من اسْتَعْبَدَ الجِنَّ والشَّيَاطِين واسْتَخْدَمَها. وقِيلَ أوَّلَ مَنِ اسْتَعْبَدَهَا، على


(١) الشبلي: آكام المرجان في أحكام الجان، القاهرة ١٣٢٦ هـ، ١٠٠ (عن النَّديم).
(٢) راجع المقريزي: المواعظ والاعتبار ١: ٨١ - ١٠٥.