للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على تَألِيفٍ (١)، وقد كَتَبَ إلى مَلِك البَرْغَر كِتَابًا يَحْتَوي على أكثر من مائة وَرَقَة، لم يَسْتَعِن في ذلك بأحَدٍ، ولم يُورِدُ فيه آيةً من كِتَابِ الله - جَلَّ اسْمُهُ - ولا كَلِمَةً من حَكيمٍ يَقْدُمَهُ، ولكن أطَاعَ الجَاحِظَ لِسَانُه فقال.

وهذا كلامٌ اسْتَحْسَنَّاهُ من كلامِ الْجَاحِظ

قال في رِسالَتِه إلى محمَّد بن عبد الملك:

"المَنْفَعَةُ تُوجِبُ المَحَبَّة. والمَضَرَّةُ تُوجِبُ البَغْضَاء. المُضَادَةُ تُوجِبُ العَدَاوَة. خِلافُ الهَوَى يُوجِبُ الاسْتِثْقَال، ومُتَابَعَتُه تُوجِبُ الأُلْفَة. الأمَانَةُ تُوجِبُ الطُّمأنينة. الخِيَانَةُ تُوجِبُ المُنَافَرَة. العَدْلُ يُوجِبُ اجْتَماعَ القُلُوب. الجَوْرُ يُوجِبُ الفُرْقَة. حُسْنُ الخُلُقِ يُوجِبُ المُؤَانَسَة. الانْقِبَاضُ يُوجِبُ الوَحْشَة. التَّكبُّر يُوجِبُ المَقْتَ. التَّوَاضُعُ يُوجِبُ المِقَة. الجُودُ يُوجِبُ الحَمْد. البُخْلُ يُوجِبُ المَذَمَّة. التَّوَاني والهُوَيْنَاء يُوجِبَان الحَسْرَة. الحَزْمُ يُوجِبُ السُّرُور. التَّعْزِيرُ يُوجِبُ النَّدَامَة. الحَذَرُ يُوجِبُ العُذْر. إصَابَةُ التَّدْبير تُوجِبُ بَقَاءِ النِّعْمَة. الاسْتِهَانَةُ تُوجِبُ التَّبَاغُض. التَّدَاعِي مُقَدِّمَات الشَّرِّ وسَبَبُ البَوَار. ولكُلِّ وَاحِدٍ من هذه إِفْرَاطٌ وتَقْصِيرٌ، وإِنَّما تَصِحُّ نَتَائِجها إذَا أُقِيمَت حُدُودُها. فإِنَّ الإِفْرَاطَ في الجُودِ يُوجِبُ التَّبْذِير، والإفْرَاطَ في التَّوَاضُع يُوجِبُ المَذَلَّة. والإِفْرَاطَ في الكِبْر يَدْعُوا إلى المَقْت، والإِفْرَاطَ في الغَدْرِ يَدْعُوا إلى أنْ لا يَثِق بأحَدٍ وذلك ما لا سَبِيلَ إليه، والإفْرَاطَ في المُؤْانَسَة يُكْسِب خُلَطَاء السُّوء، والإفْرَاطَ في الانْقِبَاضِ يُوحِشُ ذَوِي النَّصِيحَة".

وقال في فَصْلٍ من كِتَابٍ له:


(١) ابن حجر: لسان الميزان ٤: ٣٥٦ - ٣٥٧ (عن النَّديم).